+ A
A -
قال فضيلة الداعية عبدالله النعمة: إن من أعظم ميادين العمل والاجتهاد هو ذكر رب الأرباب، فإن الله تعالى آمراً عباده المؤمنين بذكره فقال: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا).
وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أمس، أن ذكر الله عبادة من أعظم العبادات، وطاعة من أجلِّ العبادات، وقربة من أنفع القربات، ينبه القلوب من نومتها، ويوقظ الأرواح من لهوها، ويبعد العبد عن أهل الغفلة، ويورثه محبة الله التي هي روح الإسلام، ومدار السعادة والنجاة في الدارين، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى? رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
منزلة القوم
وأضاف: إن ذكر الله تعالى هو منزلة القوم الكبرى التي منها يتزودون، وإليها دائماً يترددون، وهو قوت القلوب المؤمنة التي متى فارقتها صارت الأجساد لها قبوراً، يستدفعون به الآفات، ويستكشفون به الكربات، وتهون عليهم المصيبات، إنه عبودية القلب واللسان، وجلاء القلوب وصفاؤها، ودواؤها إذا غشيها اعتلالها. (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ? أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
أيسر العبادات
وأشار فضيلته إلى أن ذكر الله من أيسر العبادات وأسهلها على المرء، وأجلها وأعظمها في الفضل، يحط الذنوب والخطايا ويذهبها، ويورث حياة القلوب وراحتها، ويزيل الوحشة التي تكون بين العبد وربه، ويطرد الشيطان ويقمعه، ويرضي الرحمن، ويعطي الله عليه من الأجور مالا يعطي على ما سواه، فهو رأس الشكر، وسبب المحبة والموالاة، وأمان من النفاق، ولا استجلبت نعم الله عز وجل، ولا استدفعت نقمه بمثل ذكر الله سبحانه، وإن الله تعالى ليباهي بالذاكرين من عباده ملائكته وصفوته من خلقه (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ).
أكبر معين
وأكد فضيلته إن ذكر الله أكبر معين للعبد على طاعة الله وشكره والقيام بحقه والإنابة إليه، فالذاكرون الله كثيراً والذاكرات أقرب الناس إلى الطاعة، وأسرعهم إلى الإنابة، وأحقهم بالمراقبة، وأبعدهم عن الغفلة والمعصية والشيطان، ولا داوم عبد على ذكر الله وأكثر منه إلا أزال الله همه ونور قلبه وبسط له في رزقه ورفع له في ذكره وزاده مهابة وإيماناً وسعادةً ويقيناً ولذة واطمئناناً، ولقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم وخيرٌ من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: «ذكر الله»)، قال معاذ: (ما من شيءٍ أنجى من عذاب الله من ذكر الله).
يسهل الصعب
ولفت فضيلته إلى أن ذكر الله يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق فما ذكر الله على صعب إلا هان ولا على عسير إلا تيسر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا لانت وزالت، ولا كربة إلا سهلت وانفرجت، وقد روى البيهقي بسندٍ صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلاَثَةٌ لَا يَرُدُّ الله دُعاءَهُمْ: الذَّاكِرُ الله كَثِيراً، والمَظْلُومُ، والإِمامُ المُقْسِطُ)، وجاء في السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله (رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)، ومن حديث أبي هريرة أن النبي قال: (سبق المفردون) قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: (الذاكرون الله كثيراً والذاكرات).
حياة للقلوب
وأضاف: ذكر الله حياة للقلوب، وقوت للأبدان وسعادة للأرواح، ونجاة من الأهوال، ونور في الظلمات، يفتح للعبد باب الدخول إلى الله، ويذيب قسوة القلوب، ويعالج الأرواح والأبدان، ويطرد الهموم والأحزان. عن عبدالله بن بسر - رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال:(لايزال لسانك رطباً من ذكر الله تعالى)، وأفضل الذكر وأنفعه ما وطأ فيه القلب اللسان وكان من الأذكار النبوية، وشهد الذاكر معانيه ومقاصده. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله تعالى خنس)، ويقول كعب بن مالك رضي الله عنه: (من أكثر من ذكر الله برئ من النفاق).
copy short url   نسخ
17/03/2018
5520