عندما يفقد الإنسان شخصًا عزيزًا عليه، يتحول ذلك الفقد إلى حنين للذكريات واللحظات التي عاشها معهم. هذا ما عاشته الكاتبة الصحفية الأميركية الراحلة إيرما بومبيك، حيث عبرت بكلمات مؤثرة عن فقدانها لأبيها الذي كان حاضرًا في أدق تفاصيل حياتها.
كان والدها ليس مجرد والد بل كان شخصية تملأ حياتها بالحب والدعم دون أن يطلب شيءًا في المقابل. كانت ترى فيه رمزًا للعناية والاهتمام، حتى في أصغر التفاصيل كان يبرز ويبقى حاضرًا في ذاكرتها.
فقد كان يشبه «مصباح الثلاجة»، لا تعرف تمامًا ماذا يفعل حين ينغلق باب الثلاجة، ولكنك تعلم أنه هناك دائمًا، يضيء وجهك بالبهجة عند عودته في المساء. كان دائمًا في الخلفية يقوم بأعمال يومية بسيطة ولكنها كانت أساسًا لراحتك وسعادتك.
ومع ذلك، كان الأب دائمًا مشغولًا، يقوم بأعمال مختلفة، ولكن بلا شك كان يفعلها بحب وإخلاص. كان يفتح قوارير المخللات المُعسرة، يقطع أغصان الورد على الطريق، يقوم بمهام صغيرة كبيرة في حياتهم.
لا تنسى الكاتبة لحظات العناية الخاصة، حينما كان والدها يذهب للصيدلية في الوقت المناسب، أو يركب دراجته إلى جانبها لتعليمها القيادة. كان يشجعها دائمًا، حتى وقتما تحدثت عن تحضير الشاي بشكل غير مألوف لم يخيب تفاعلها وردود فعله.
ولكن الأب كما هو الحال دائمًا، لا يعرف الجميع كل تفاصيل عمله، كان يبقى خلف الكواليس يقوم بالمهمات المتواضعة بكل حب وتفانٍ. حتى في أدق تفاصيل اليومية، كان يظل حاضرًا بكل عطف.
عندما رحل عنها، كانت الفراغ الذي خلفه يحمل الكثير من الألم. فقد كان الأب الذي كانت تتخيل أنه سيكون دائمًا حاضرًا، ولكنه اختفى فجأة، ليترك خلفه ذكريات تمتزج بين المحبة والشوق.
بغيابه، تحولت ذكريات الطفولة إلى مشهد حنيني، حيث كان والدها يملأ كل فراغ بدفءه وعطفه. إيرما بومبيك كانت تشعر بوجوده في كل جوانب حياتها، حتى في بساطة الأشياء التي كانت تفتقدها الآن بشدة.
ذهاب الأب كان كالرحيل إلى عالم آخر، ولكنه لم يمحو ذكرياته. كلما تتذكر إيرما بومبيك تلك اللحظات، يعود الأب إليها كما كان، محاطًا بأحضان الحنين والفراق. بهذه القصة، نتعلم أن «امسك بيد من تحب» يعني أكثر من مجرد الوجود الجسدي، بل يعني التفاني والرعاية والتضحية التي يقدمها الأشخاص الذين نحبهم دون أن نشعر.
إنها دروس من الحب والغياب تبقى محفورة في قلوبنا إلى الأبد.