+ A
A -
جريدة الوطن

الدوحة - قنا - تحت رعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، انطلقت أمس أعمال المؤتمر الدولي الخامس عشر لحوار الأديان، حول موضوع الأديان وتربية النشء في ظل المتغيرات الأسرية المعاصرة، تحت شعار «التكامل الأسري.. دين وقيم وتربية».

وأكدت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية، في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر، توافق موضوع هذا المؤتمر مع القناعة الراسخة في دولة قطر بمحورية الأسرة في بناء المجتمعات، ومركزية الدين والأخلاق في هذا البناء،

وهو الأمر الذي ينص عليه الدستور القطري دون مواربة في مادته (21)، لافتة إلى حشد دولة قطر، على المستوى الدولي، جهودا لصالح الأسرة، وسعيها المتواصل لتعزيز المناصرة الدولية لقضاياها، بما وفرته من منصات حوارية جامعة لصناع القرار والسياسيين والأكاديميين والمنظمات الدولية والجمعيات الخيرية.

ونوهت سعادتها إلى تأكيد انعقاد المؤتمر في دورته الخامسة عشرة حول موضوع الأديان وتربية النشء في ظل المتغيرات الأسرية المعاصرة أن قضايا عالمنا المعاصر باتت لا تعرف حدودا، وأن التحديات لا يقف خطرها على من يواجهونها فقط، مشددة على أنه لا يمكن فصل قضايا الأسرة عن كافة القضايا الكبرى التي «وللأسف تزلزل عالمنا المعاصر، وتهدد سلامه واستقراره».

وأكدت سعادتها أن قضايا الأسرة هي العامل المشترك الذي يمكن أن يجمع قضايا المجتمعات بكل مكوناتها، وهي كذلك العامل المؤثر والفعال على جميع الأصعدة بكل حقولها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، منبهة إلى أنه من هذا المنطلق بات من أوكد الواجبات على الجميع التركيز على الأسرة، وإعطاؤها جانبا كبيرا من الاهتمام، دولا وأفرادا وعلماء دين ومختصين، لاسيما أن الأسرة هي اللبنة الأساسية لبناء أي مجتمع.وقالت سعادة وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية، في كلمتها، إنه لمن المخزي أن نجد انتهاكات حقوق الأسرة والمرأة والطفل في هذه الآونة تتكشف بصورة صارخة أكثر من أي وقت مضى في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة، يضاعفها الدعم الرسمي الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي الذي تلقاه قوات الاحتلال الاسرائيلي في المحافل الدولية من قبل عدد من القوى «التي وللأسف أخفقت أمام أهم اختبار إنساني لقيم الحرية والتحضر وحقوق الإنسان التي كانت ترعاها وتدفع بها».

وأضافت سعادتها أنه «على الرغم من كل هذه الأوجاع والتخاذل الرسمي، وجدنا أن الوعي الجمعي للناس بكافة أديانهم وأعراقهم وتوجهاتهم قد تجاوز السردية المدفوعة في مساحات الإعلام التقليدي ليخلق فضاء حرا جديدا يرفض أدلجة المبادئ وتفصيلها على مقاس معين، فكيف يمكن لمن يرفض محرقة الهولوكست المروعة ونظام الفصل العنصري المقيت في جنوب أفريقيا سابقا أن يقبل بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني الصامد في غزة؟».

كما أشارت سعادتها لما يجري في السودان حاليا، مشددة على أن مأساة شعبه هي أكبر مأساة لجوء قائمة في اللحظة الحالية، لافتة إلى تناسي العالم مأساة الشعب السوداني وما رافقها من أكبر مأساة لجوء قائمة في اللحظة الحالية، وداعية إلى بذل كل ما هو متاح من وسائل علمية وتوعوية واقتصادية وخيرية لدعم السودان في محنته.

وذكرت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، أن هذا اللقاء يأتي استكمالا لمسيرة بدأت بالمؤتمرات السابقة حيث لقاءات تجمع القادة الدينيين والعلماء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم، يظلها الحوار الحر البناء القائم على الاحترام المتبادل والاعتراف بالآخر وثقافته ومعتقداته ومقدساته والتعامل مع الاختلاف على أنه أمر واقع، بل سنة إلهية لا ينبغي أن نتعامل معها بالمنطق الاقصائي، متمنية النجاح للمشاركين في تحقيق ما أخفقت فيه السياسة حتى الآن.

وأعربت سعادتها عن ثقتها التامة بأن يخرج المؤتمر، بعد المناقشات الجادة والدراسات العميقة من جميع الحاضرين، بمقترحات ومبادرات واقعية، تسهم في تمكين الأسرة وتهيئة الظروف للنهوض بها وبدورها، وتضع حلولا ومعالجات لمواجهة قضاياها المعاصرة، مؤكدة ضرورة دراسة الكيفية المثلى لمتابعة تنفيذ التوصيات التي ستصدر عنه ليتحقق الهدف والغاية المرجوة منه.

وهنأت سعادتها، في ختام كلمتها، الفائزين بجائزة الدوحة العالمية الخامسة لحوار الأديان لهذا العام من أفراد ومؤسسات والذين توجت أعمالهم في خدمة ودعم الأسر المتضررة، معربة عن أملها في أن يتحقق من خلال هذا التجمع النخبوي الهدف السامي في تلاقي أهل الإيمان والمختصين لفتح آفاق إنسانية جديدة بين بني البشر على اختلاف أديانهم وأجناسهم وثقافاتهم، لإيجاد سبل وحلول للتعامل مع القضايا المعاصرة.

واعتبر سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، مؤتمر الدوحة الخامس عشر لحوار الأديان منصة لمناقشة أهم الموضوعات المتعلقة بحوار الأديان، منوها بما أنجزته المؤتمرات السابقة من خدمة للإنسان.

وأبرز سعادته، في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي كان موضوعه: «الأديان وتربية النشء في ظل المتغيرات الأسرية المعاصرة»، أن حوار هذا العام يعد استكمالا للقاءات مجموعة من علماء الأديان السماوية والأكاديميين ورؤساء مراكز الحوار من مختلف أنحاء العالم والمهتمين بحوار الأديان على وجه الخصوص، في منبر تتلاقح فيه الأفكار المختلفة وتتوحد فيه العقول الراشدة على هدف واحد وإن اختلفت الرؤى وتباينت الاتجاهات والتصورات، فضلا عما يمثله من فرصة للتلاقي وتجاوز التمييز ورسم معالم الطريق للحياة بمختلف مجالاتها على أسس من القواعد المشتركة بين الأديان.

وقال: «إن كنا لا ننكر الاختلاف الديني والثقافي والاجتماعي بين البشر، فإننا نؤمن جميعا بالقيم الدينية المشتركة التي كرست لمفهوم الأسرة، وأسست لقيم التراحم والتكافل والتعاون بين أفرادها، ورسخت للعلاقة المقدسة بينهم»، مشيرا إلى وجه التشابه الكبير بين المنظومة الأسرية في الأديان السماوية، سواء في هويتها أو مفهومها أو قيمها أو مبادئها باعتبارها النواة الصلبة المشكلة لعرى المجتمع، وعنوان تماسكه وقوته أو ضعفه، لا سيما في التنشئة، والتربية، والترابط، والصلة والتواد والتراحم.

وأوضح الدكتور النعيمي أنه في ضوء الوحي الإلهي والتشريعات والوصايا، أولت الأديان عناية فائقة للأسرة، فأرست لها دعائم روحية وفكرية وأخلاقية تستند إليها في التأسيس والبقاء والتطور، وتحقيق الترابط والنجاح، وقدمت التشريعات والقيم الدينية حلولا للمشاكل الاجتماعية والتربوية والنفسية للأسرة بنصوص صريحة محكمة ثابتة.

كما أكد إيمان الجميع بأن الرسالة التي يقدمها حوار الأديان تتأسس على فهم أفضل للمبادئ والتعاليم الدينية لتسخيرها لخدمة الإنسانية، وبأن حوار الأديان هو الحقل الجامع للقيم المشتركة المتفق عليها بين الأديان، مشيرا إلى أن أغلب مجتمعات عالم اليوم أصبحت تعددية تتنوع فيها الثقافات والأديان ما يفرض على الجميع الاستفادة من حوار الأديان لتعزيز القيم الأسرية التي باتت تتعرض اليوم في ظل المتغيرات المعاصرة لتحديات عميقة وجذرية وتدخلات خارجية تفرز عددا من التحولات المفزعة والمخاطر العظيمة المهددة للمنظومة الأسرية خاصة مع تأثير العولمة والثورة المعلوماتية والتكنولوجية، ومع تطور الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي الناقل للأفكار والآراء والثقافات بسرعة فائقة من بيئة إلى أخرى.

وبين سعادة رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، في كلمته، أن كل ذلك يمثل تهديدا جديا لكيان الأسرة، التي أصبحت مكبلة في التعامل مع تلك التحولات وضعيفة في مواجهتها وحماية أفرادها من سلبياتها وأضرارها، وهو ما كان دافعا لإثارة هذه القضية في هذا المؤتمر والاستماع لأفكار المشاركين وحواراتهم لتغطية كافة جوانب هذه الموضوع المهم، مستعرضا محاور المؤتمر الرئيسية وتفاصيل عناوينها حول هيكل البناء الأسري مفهوما ومكانة ومسؤولية من منظور الأديان، ودور القيم الدينية والتربوية في تحقيق التكامل والتضامن الأسري من خلال الحقوق والمسؤوليات، متناولا الدور المركزي للأسرة في التنشئة والتربية، مع التركيز على مقومات البناء الداخلي للأسرة السليمة وأثرها في التنمية والنهضة للمجتمعات والأوطان، ومناقشة أثر التدخلات الخارجية في زعزعة الدور المركزي للأسرة.

وتشمل أيضا محورا جوهريا يتناول موضوع المؤتمر ويناقش قضايا الأسرة المعاصرة في محاولة لاستيضاحها وأثرها على الأسرة وكيفية تقديم سبل الدعم والمعالجة لتلك القضايا، متمنيا أن تكلل أعمال المؤتمر بالنجاح، لما فيه خدمة الإنسانية وسلامها.

copy short url   نسخ
08/05/2024
0