+ A
A -
د. طلال أبوغزالة مفكر عربي

ما من شيء يجب أن يصرف العالم عن المعاناة الهائلة التي تلاحق الفلسطينيين في قطاع غزة أو عن محاسبة المتواطئين في الإبادة الجماعية، والمطلوب الآن اتخاذ إجراء عاجل.

وأقول إن الاتهامات الموجهة إلى الكيان المحتل هي خطيرة جداً، فالإبادة الجماعية كما تعرفها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها هي أول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة تشمل أي فعل يؤدي إلى القتل أو التعذيب أو تدمير الحياة الطبيعية للمدنيين، والأدلة والشواهد في غزة لا لبس فيها: فقد تم استهداف المستشفيات والمدارس عمدا، وتدمير البنية التحتية، وتحطيم حياة المدنيين.

من المؤكد أن المحكمة الدولية تحقق بجدية في الجرائم الوحشية التي تتكشف يوما تلو يوم، وأحدثها جريمة المقابر الجماعية في مستشفى الشفاء لكن مع تكرار الجرائم وارتفاع عدد الشهداء، متجاوزاً 35 ألف فلسطيني بريء، معظمهم من النساء والأطفال تشتد الحاجة الملحة إلى التحرك الفوري لوقف هذه المجزرة.

الشهداء، ضحايا هذه الجرائم لا يطالبون بأقل من العدالة، ويتعين على المجتمع الدولي أن يسعى لتحقيقها، فالفشل في التصرف بشكل حاسم في مواجهة جرائم الكيان الصهيوني لا يشكل مجرد خيانة للأرواح البريئة التي فقدناها في غزة؛ بل خيانة للقيم الإنسانية المشتركة.

في مواجهة هذه الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي وأبسط الحقوق الإنسانية، يقف المجتمع الدولي على مفترق طرق، إذ إن الواجب الأخلاقي المتمثل في محاسبة مرتكبي الجرائم يثقل كاهلنا جميعا، ومع ذلك، مع تصاعد الدعوات المطالبة بالعدالة، يظل المتواطئون في هذه الجرائم محميين بالدعم السخي والأسلحة التي توفرها بعض الدول للكيان المعتدي والمحتل.

لا جدوى من الوعود والخطابات الفارغة والإدانات الجوفاء. ما يلزم هو اتخاذ إجراءات ملموسة لوضع حد لإفلات إسرائيل المتكرر من العقاب وضمان مساءلتها على كل جرائمها وإلزامها باحترام الاتفاقيات الدولية التي يجب على أولئك الذين ينتهكونها أن يواجهوا العدالة.

كما يجب تنفيذ تدابير فعالة لمنع المزيد من الجرائم والانتهاكات، وهذا لا يتطلب مجرد كلمات جوفاء، بل يتطلب محاسبة أولئك الذين يرتكبون الجرائم والذين يساعدون ويحرضون على الإبادة الجماعية، ولا بد من فرض العقوبات والضغوط الدبلوماسية واللجوء إلى القانون لإجبار كل معتدٍ على الامتثال للقانون الدولي والمعايير الإنسانية، فأهل غزة لا يملكون ترف الوقت والمماطلة في مواجهة آلة القتل والبطش الإسرائيلية في ظل صمت وعمى عالمي مذهل وغير مسبوق.

copy short url   نسخ
08/05/2024
55