+ A
A -
سليمان المجيني كاتب عُماني

أعتقد أن الجميع يعرف أن الديمقراطية ذروة سنام المشاركة والحرية التي لطالما ادعى الغرب، وخصوصاً في أميركا، أنه حاميها، وتعني في أحد أهم عناصرها حكم الأغلبية، إلا أن المحصلة وما نراه اليوم من تقييد لحرية التعبير في الجامعات الأميركية، أمر مخزٍ وفاضح.

بغض النظر عن إيجابيات أو سلبيات الديمقراطية كمنظور أو نظام سياسي، إلا أن الحرية في دول أميركا وأوروبا أصبحت اليوم تحارب حقيقة لا مجازاً.

لطالما قامت الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية وحتى أوروبا، بدور هام في تشجيع حرية التعبير والديمقراطية والمشاركة السياسية؛ من خلال توفير بيئة تعليمية منفتحة وحرة، تسمح للطلاب والموظفين بالتعبير عن آرائهم والمشاركة في النقاشات السياسية والاجتماعية، كما تنادي به مبادئ الديمقراطية، وهو إلى حد ما كان موجوداً؛ لأن الأمر متعلق بمبادئ الديمقراطية، لكن اليوم ترى أن تلك المساحة من الحرية تشكل خطراً على سياستها وتوجهاتها.

شهدت العديد من الجامعات في الغرب خلال العقود الأخيرة حركات احتجاجية ومظاهرات تهدف إلى الدفاع عن القضايا الاجتماعية والسياسية، كالتنديد بالعنصرية، ودعم حقوق الأقليات، كما شهدت دعوات لبعض الإصلاحات في نظام التعليم والعدالة الاجتماعية وغيرها من القضايا، خصوصاً خلال ستينيات القرن الماضي، عندما كانت، حيث شملت مواقف رافضة للحرب في فيتنام، ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وتأييداً لحركة حقوق الإنسان والمساواة.

كانت لبعض تلك الاحتجاجات الطلابية، والتي اتخذت منحى عنيفاً في بعض الأحيان، تأثيرات عميقة في عدة مجتمعات والمشهد السياسي، وأحدثت تحولات في نضال الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية.

لذلك لا يمكن الاستهانة بتأثيرات ما يحدث في الجامعات الأميركية والأوروبية اليوم احتجاجا على الحرب على غزة، فلو كان الأمر بسيطاً لما قامت تلك الحكومات الغربية بأجهزتها الشرطية والأمنية باستخدام كل هذا القمع والبطش بحق النخبة من طلابها، فقط لأنهم يطالبون بوقف الإبادة ضد الأبرياء في غزة.

تعلم الحكومات الغربية واللوبيات الصهيونية أن تأثير طلاب وأكاديميين سيكون له صدى، لذلك لا يتوانون عن فض الاعتصامات وطرد الأكاديميين وفصل الطلاب بل ملاحقة من لم يتم طرده بشماعة «معاداة السامية» لتدمير مستقبله المهني.

إن تلك الاحتجاجات الطلابية اليوم، تكشف للجميع كل المزاعم والشعارات المزيفة التي تخبت وراءها الحكومات والمؤسسات الغربية، فهي لا تكشف فقط عن نزعتها وسياستها الاستعمارية والعنصرية، بل تكشف أيضاً نفاقها الأخلاقي، إذ لا تؤمن بما تدعو له، لا في الخارج ولا في الداخل حتى، فهاهي الحكومات الغربية تقمع أصوات أفضل طلابها، وتصفهم بالمخربين، وتطرد أساتذة جامعتها الذين يقفون مع فلسطين لا لشيء، إلا لأنهم يقفون مع الحق.عربي بوست

copy short url   نسخ
07/05/2024
15