+ A
A -
إسماعيل الريماوي كاتب وباحث فلسطيني

كانت النكبة عنوانا آخر سمعناه من أجدادنا لنتناقله جيلاً بعد جيل لأولادنا وأحفادنا ضاحدين الفكرة الصهيونية التي روجت للعالم بأن الأرض بلا شعب لشعب بلا أرض، فرغم وجع النكبة وانكساراتها إلا أننا لم ننس وبقيت أوجاعنا في الذاكرة التي تثبتنا في ارتباطنا في هذه الأرض وتعزز هُويتنا وانتماءنا بإحياء صور الأشياء والأحداث ولإعادة بناء الذاكرة الفردية إلى الذاكرة الجماعية التي أسهمت في جعل النكبة رمزاً من رموز الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني وللتاريخ الفلسطيني والعربي.

فقد تركت ذكرى النكبة أثرها على بناء الهوية الوطنية الفلسطينية وجذورها في الأرض فقد كانت درساً قاسياً لمن عاشوها وتحدياً وتمسكاً لمن سمعوا عنها، فالآن أصبح الفلسطيني يفضل الموت في أرضه على ألا يتركها ويرحل.

على أن توثيق النكبة من جيل إلى جيل بناءً على روايات الأجداد من رجال ونساء ممن عاشوا تلك المأساة ومن روايات عدد من الكُتاب والروائيين الفلسطينيين، ومنهم الروائي والكاتب الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني في روايته (عائد إلى حيفا)، ممن سردوا ووثقوا ذلك، وأقتبس منها هذا المقطع حيث يقول عن سعيد وصفية اللذين يتركان بيتهما في حيفا أثناء الحرب عام 1948 عنوة على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني، ولكنهما يعودان بعد عشرين عاماً لأنهما تركا هناك ابنهما خلدون على أمل أن يبقى الولد على عهد الآباء محتفظاً بهويته وأرضه. وتكون الصدمة القاسية والمفاجأة أن ذلك الصبي يكبر بين جنود الاحتلال، فلا يتمكن الأب من العودة إلى أرضه ولا يعود ابنه إليه!

رواية قصيرة وموجزة ولكنها عبّرت بجلاء عن واحدة من أكبر مآسي الفلسطينيين، تحديداً فلسطيني 48 وما يتعرضون له من طمس للهوية.{عربي بوست

copy short url   نسخ
05/05/2024
10