«وصيتي لكم جميعا أيها الإخوة حملة البنادق تبدأ بتجميد التناقضات الثانوية، وتصعيد التناقض الرئيسي ضد العدو الصهيوني وتوجيه البنادق كل البنادق نحو العدو الصهيوني، واستقلالية القرار الفلسطيني تحميه بنادق الثوار المستمرة لكل الفصائل، أقولها لإخواني جميعا أينما تواجدوا: الاستمرار بنفس الطريق الذي سلكناه».
هذه الرسالة الوصية التي وجدت في قميص عروس يافا دلال المغربي قائدة عملية كمال عدوان، بعد ان استشهدت في مثل هذا اليوم 11 مارس 1978.. فلم يكن مستغربا أن يطلب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو في مارس 2016 من سفير بلاده في الأمم المتحدة تقديم شكوى ضد الفلسطينيين لمنعهم من الاحتفال بذكرى استشهاد دلال ومنع الفلسطينيين من الاحتفال بذكرى استشهادها... لماذا؟ دلال المغربي قضت مضاجع العدو وهي التي تسللت برفقة فرقتها يوم 11 مارس/آذار 1978 من الأراضي اللبنانية، ونزلت المجموعة من الباخرة التي مرت أمام الساحل الفلسطيني بعد أن قذفت قاربين مطاطين ليوصلاها إلى الشاطئ.
ونزل الفدائيون إلى الشارع العام واستولوا على عدد من السيارات كان آخرها سيارة ركاب كبيرة اتجهوا بها مع رهائن كثر نحو تل أبيب. وقالت دلال للرهائن «نحن لا نريد قتلكم، نحن نحتجزكم فقط كرهائن لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر». ثم أخرجت من حقيبتها علم فلسطين وعلقته داخل الحافلة وهي تردد «بلادي.. بلادي لك حبي وفؤادي، فلسطين يا أرض الجدود إليك لا بد أن نعود».
الاستشهاد
وبعد أن أصبحت دلال وفرقتها على مشارف تل أبيب كلفت الحكومة الإسرائيلية فرقة خاصة من الجيش يقودها باراك الذي قاد عملية فردان واغتال كمال العدوان ويوسف النحار وكمال ناصر.. بإيقاف الحافلة وقتل أو اعتقال ركابها من الفدائيين، وقامت وحدات كبيرة من الدبابات والطائرات المروحية بملاحقة الحافلة إلى أن تم توقيفها وتعطيلها قرب مستعمرة هرتسليا.
واشتبكت الفرقة مع القوات الإسرائيلية فاستشهدت دلال مع زملائها، وأسر واحد، وسقط من العدو الإسرائيلي عشرات القتلى والجرحى، واحترقت سيارة الركاب بمن فيها.
واعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها مناحيم بيغن في اليوم الثاني للعملية بمقتل 37 من الإسرائيليين وأكثر من ثمانين جريحا، لكنه لم يفصح عن عدد القتلى في صفوف الجيش.
وقد شكلت دلال حالة خاصة في العمل الفلسطيني المقاوم، وهي التي قال عنها الشاعر نزار قباني في مارس/آذار 1978 «إن دلال أقامت الجمهورية الفلسطينية ورفعت العلم الفلسطيني، ليس المهم كم عمر هذه الجمهورية، المهم أن العلم الفلسطيني ارتفع في عمق الأرض المحتلة على طريق طوله 95 كيلومترا في الخط الرئيسي في فلسطين».
ولا تزال دلال حتى وهي شهيدة تزعج الاحتلال
كلمة مباحة
لنواصل الاحتفال باستشهاد دلال واستنساخها. فهناك أكثر من عشرة آلاف أسير ينتظرون دلال..
بقلم: سمير البرغوثي