+ A
A -
حسن أبو هنية كاتب فلسطيني

تتعرّض غزة منذ سبعة شهور لحرب إبادة جماعية، من قبل الكيان الاستعماري الصهيوني بمساندة ومشاركة الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، في سياق العمل على محو وطمس القضية الفلسطينية على الصعيدين المادي والرمزي، وبلغ العنف الاستعماري الصهيوني والإمبريالي الغربي حد العبث والجنون في محاولة عكس التاريخ؛ بتجاوز آثار وتبعات عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة «حماس» والتي عصفت بركائز الأمن القومي للمستعمرة اليهودية، وخلخلت الركن الأهم لمشروع الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط.

لم تنجح خطابات الحضارة والبربرية ونعت المقاومة الفلسطينية بـ«الإرهاب»، في تبرير حرب الإبادة في غزة، وفشلت الآلة الدعائية الصهيونية والغربية في التغطية على جرائم الحرب والإبادة. فمع بروز جيل جديد من الشباب، انتشرت المظاهرات المناهضة لحرب الإبادة الصهيونية في كافة أنحاء العالم واحتشد المتظاهرون في الولايات المتحدة وفي أنحاء أوروبا، احتجاجا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

شكّل التضامن مع غزة شرارة الانتفاضة الطلابية، لكن ما أعطى حركة الاحتجاجات في الجامعات الأميركية الزخم هو طريقة التعامل معها من قبل إدارة الجامعة واستدعاء الشرطة، حيث تم اعتقال الطلبة في جامعة كولومبيا ومعاقبتهم بعد استدعاء رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق شرطة نيويورك لفض الاعتصامات، وهو ما منح الاحتجاجات دوافع أكثر جذرية تتعلق بالحريات والحقوق والعدالة، ودفع الكيانات الطلابية للانخراط فيها بعد اعتقال نحو مائة من طلاب جامعة كولومبيا، بسبب دعمهم لفلسطين.

شكلت المظاهرات الطلابية في الجامعات الأميركية الداعمة لفلسطين، صدمة إسرائيلية، دفعت رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو إلى إصدار بيان للتنديد بها، زاعما في الوقت ذاته أنها معادية للسامية، وتذكِّر بما حدث في الجامعات الألمانية في الثلاثينيات. ففي رسالة مصورة نشرها نتانياهو على منصة «إكس» في 24 نيسان/‏‏ أبريل 2024، قال: «المتظاهرون يطالبون بالقضاء على إسرائيل، ويهاجمون الطلاب اليهود، ويهاجمون أعضاء هيئة التدريس اليهود، وهو ما يذكرنا بما كان يحدث في الجامعات الألمانية في الثلاثينيات».

خلاصة القول إن ثمّة وعيا جديد أخذ يتشكل في أوساط الطلاب من الجيل الشاب في الجامعات الأميركية، تجسد في انتفاضة واسعة ممتدة باتت تلهم الطلبة في كافة أنحاء العالم، وهو وعي يقوم على مناهضة الإمبريالية والاستعمارية وتفكيك الصهيونية. وقد شكلت عدالة القضية الفلسطينية وحرب الإبادة الإسرائيلية الصارخة المسندة من الغرب تحريضا للهوية الأخلاقية والضمير الإنساني الحي، ولم تعد السردية الصهيونية تحظى لدى جيل الطلبة الشاب بأي مصداقية.عربي 21

copy short url   نسخ
01/05/2024
185