+ A
A -
جريدة الوطن

أصدرت إدارة البحوث والدراسات الإسلامية، بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كتاب: «الاجتهاد المقاصدي.. حجيته.. ضوابطه.. مجالاته» للأستاذ الدكتور نور الدين بن مختار الخادمي، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، بجامعة قطر، في جزأين: العدد الأول والثاني بعد المائتين (201-202) من سلسلة «كتاب الأمة».

يتمحور الكتاب، الذي يقع في (360) صفحة من الحجم المتوسط، حول «مقاصد الشريعة الإسلامية»، التي تعتبر فنا من فنون الشريعة المعتبرة، لها أهميتها الملحوظة، ومكانتها المشهودة على صعيد الدراسات المعرفية والأكاديمية، وعلى مستوى دراسة الواقع الإنساني وحل مشكلاته ومستجداته.

ويعد الكتاب محاولة جادة لإعادة طرح موضوع «الاجتهاد المقاصدي»، واستدعائه إلى ساحة الاهتمام الفقهي والفكري؛ حيث لاتزال كثير من القضايا المعاصرة بحاجة إلى رؤية فقهية مقاصدية معاصرة تمنح العقل المسلم قدراً مهماً من التقويم والنقد والمراجعة، ودراسة جدوى طبيعة الأداء العلمي والإنتاج الفكري، كما تسهم إلى حد بعيد في بناء الإنجازات عبر التخطيط الناجح وتحديد الأهداف والمقاصد في ضوء الإمكانات المتوفرة والظروف المحيطة.

وبذلك؛ يعد الكتاب مساهمة نافعة وإضافة مفيدة تسهم في بناء وتشكيل الثقافة المقاصدية، بما ينضح به من رؤى فكرية وفقهية معاً.

وتعد هذه الطبعة هي الثانية، حيث سبق وأن صدر الكتاب في طبعته الأولى ضمن سلسلة «كتاب الأمة» في جزأين: الأول: العدد (65) صدر في جمادى الأولى 1419هـ، والثاني: العدد (66) صدر في رجب 1419هـ (1998م).

وقد جاء هذا الإصدار في طبعته الثانية؛ ليؤكد على أهمية مقاصد الشريعة لاسيما في زماننا المعاصر؛ نظراً لكثرة النوازل والمستجدات، والتي يحتاج الناس إلى معالجتها في ضوء الاجتهاد المقاصدي الأصيل، والنظر المصلحي المتين؛ وإثبات مدى صلاحية الشريعة وشمولها وخلودها وحاكميتها على الحياة والوجود.

ومن ثمّ، فإن إعادة إحياء هذا الإصدار في طبعة جديدة، مُرَاجعة ومصححة، جاء استجابة لمتطلبات الواقع، وحاجة الساحة الفكرية لمرجع شرعي مؤصل، يسد فراغاً كبيراً في المكتبة الإسلامية، ويقدم للعلماء آلة اجتهادية مغيبة عن الواقع، ولطلبة العلم مرجعاً مهماً لدراسة علم المقاصد الشرعية، وفي الوقت نفسه، يمثل دعوة إلى العمل بمقاصد الشريعة، والالتفات إليها، والاعتداد بها في عملية الاجتهاد الفقهي، كما يشكل دعوة لأهل العلم وأرباب الاجتهاد للتصدي لمتطلبات هذه القضية في ضوء معطيات الواقع المعاصر وفق منهجية تراعي التوسط في الأخذ بالمصالح، بغية نفي الآثار السيئة لمنهج الغلاة والنفاة، وبغرض بيان أحكام الله تعالى في النوازل المعاصرة. الكتاب يعتمد منهجية خاصة، تهدف إلى بيان حقيقة المقاصد الشرعية، ومكانتها في الاجتهاد، وأهميتها في معالجة مشكلات العصر في ضوء الضوابط الشرعية، دون أن تُعدّ دليلاً مستقلاً عن الأدلة الشرعية، وإنما هي معنى مستخلص ومستفاد من تلك الأدلة ومن سائر التصرفات والقرائن المعتبرة.

ويتناول الكتاب هذه القضية في ثلاثة أبواب، هي: الاجتهاد المقاصدي: حقيقته.. تاريخه..، حجيته؛ الاجتهاد المقاصدي: ضوابطه.. مستلزماته.. مجالاته؛ الاجتهاد المقاصدي في العصر الحالي.

ويخلص الكتاب إلى تأكيد مجموعة من الحقائق والثوابت، وطرح مزيد من الرؤى والأفكار التي تؤكد أهمية الاجتهاد المقاصدي، وتدعو إلى ضرورة العمل بالمقاصد الشرعية.. من أهمها:

المقاصد الشرعية أمر ملحوظ في المنظومة التشريعية، وقد توالت على تقريره أدلة وقرائن ومسلمات كثيرة، وهو من المعطيات المهمة والضرورية في الاجتهاد والاستنباط؛ إذ يمكن اعتباره إطارا شاملا ومرجعا عاماً لتأطير الظواهر والحوادث المعاصرة. العمل بالمقاصد منهج قديم وقع تطبيقه في العصر النبوي وعصور الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، كما كان مستحضراً لدى عموم المجتهدين وأغلب الفقهاء والأصوليين. العمل بالمقاصد ليس على عمومه وإطلاقه، فهو مقيد بعموم الأدلة والقواعد والضوابط الشرعية، وبسائر الأبعاد العقدية والأخلاقية والعقلية المقررة، وهذا ما يجعلنا نعده أصلاً تابعاً للأدلة وليس دليلاً مستقلاً ومنفرداً. القول بارتباط المقاصد بالأدلة لا يعني تعطيل المصالح الإنسانية وتضييق نطاقها وأحجامها، أو تعطيل دور العقل وتحجيم فعله وأثره في الفهم والإدراك والاستنباط والترجيح وغيره، بل إن ذلك القول تأكيد لميزان الإسلام في النظر المقاصدي، ومراعاة المصالح من حيث انضباطها واطرادها وظهورها وجريانها على وفق الصلاح الحقيقي والنفع العام، وليس بحسب الأهواء المتقلبة والخواطر والأمزجة المضطربة.

copy short url   نسخ
28/04/2024
5