+ A
A -
جريدة الوطن

أوضح فضيلة الشيخ محمد عبدالله النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن المساجد بيوت الله وأحب البقاع إليه، أًعدت للعبادة والصلاة وذكر الله، وإليها يأوي من آمن بالله وتولاه، يعمرها المؤمنون الذاكرون الراجون ثواب الله في الآخرة قال سبحانه: «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار».

من مآذنها تتردد شهادة التوحيد كل يوم على الأذان أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، ومن مآذنها يتردد النداء إلى الصلاة عمود الإسلام وثاني أركانه العظام، حي على الصلاة على الفلاح، ومن محاريبها ومنابرها انطلقت رسالة الإيمان ففتحت القلوب والآذان ومحت ظلام الشرك والأوثان، فهي أول مدرسة تربوية وعلمية في الإسلام تخرج منها جيل الصحابة الكرام وهي أول صرح تأسست فيه المنابر الدعوية، وخرجت منه الجيوش الإسلامية وانطلقت منه وفود الدعوة والتبليغ فنشرت الإسلام في جميع الآفاق بالدعوة والجهاد والأخلاق، وهي أحب الأماكن إلى الله على الإطلاق روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها».

وأكد الخطيب أن الله قد عظّم من شأن بيوته وأضافها إليه إضافة تشريف وتكريم وأثنى على الذين يسبحون له فيها بالغدو والآصال ووعدهم بجزيل الثواب يوم الحساب وشهد بالإيمان لمن عمرها بإقام الصلاة فيها وأكثر من اعتيادها فقال سبحانه: «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين».

وأضاف: أن عمارة المساجد نوعان، عمارة حسية وعمارة معنوية، يقول ابن رجب -رحمه الله-: «عمارة المساجد تكون بمعنيين، أحدهما عمارتها الحسية ببنائها وإصلاحها وترميمها وما أشبه ذلك، والثاني عمارتها المعنوية بالصلاة فيها وذكر الله وتلاوة كتابه ونشر العلم الذي أنزله على رسوله ونحو ذلك.. إلى أن قال: والمعنى الثاني: أي «العمارة المعنوية» أخص بها، فهي عمارة حسية ببنائها وتشييدها ففي الصحيحين عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة«وجاء في حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:»من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة» رواه ابن حبان، فيا بشرى من بنى لله مسجدا أو ساهم فيه أو سعى في صيانته ولو بالقليل فإن له أجر من عمل فيها لا ينقص من أعمالهم شيئا، فما صلى مصل في هذا المسجد وما دعا داع ولا تلا حرفا من كتاب الله إلا وتلك الأجور العظيمة في ميزان من بنى هذا المسجد وأقامه، فهل بعد هذا الفوز من فوز؟ «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون».

وذكر الشيخ عبدالله النعمة أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان أول عمل قام به هو بناء المسجد، مما يدل على أهمية المساجد ومكانتها في الإسلام فهي بيوت الله ومأوى الملائكة ودور عبادة لله، وملتقى عباده المؤمنين، لا تبنى لأجل المباهاة والزينة ولا تتخذ آثارا ومتاحف وأضرحة ولا مظاهر ومزارا للمفاخرة وإنما تبنى لإقامة الصلاة وذكر الله.

وهو النوع الثاني من عمارة المساجد، العمارة المعنوية بالصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن وإحياء دور المسجد والاهتمام بروح المسجد لا بشكله وظاهره، بالمشي إلى المسجد عبادة تؤجر عليها في الحديث «كانت خطواته: إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة» رواه مسلم.

وقد هيأ الله لمن جاء المسجد نزلا فهو ضيف عند الرب الكريم، ففي الحديث «من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا من الجنة كلما غدا أو راح» متفق عليه، والجلوس والمكث في المسجد لانتظار الصلاة رباط في سبيل الله، قال صلى الله عليه وسلم: «وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» رواه مسلم، والمشي إلى المسجد في ظلمة الليل يكون نورا وضياء لصاحبه يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» رواه أبو داود والترمذي.

ونوه الخطيب أنه كلما تعلق قلب العبد بالمسجد عظم الأمر وفاض الثواب، قال صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلى ظله - وذكر منهم- رجلا قلبه معلق بالمساجد» متفق عليه، بل في هذه المساجد تتنزل السكينة والرحمة وهي مأوى الملائكة تحف أهل الذكر والقرآن في بيت الله وأعظم من ذلك ذكر الله سبحانه لعباده وهو يباهي بهم من عنده ي الملأ الأعلى من الملائكة المقربين، قال عليه الصلاة والسلام: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم.

copy short url   نسخ
27/04/2024
40