+ A
A -
أنس معابرة

حسب تصنيف «مثلث القوى الياباني»، هنالك ثلاث قوى للإنسان: قوة السيف التي ترمز إلى القوة، والدرر التي ترمز إلى المال، قوى المرايا، وهي معرفة الإمكانيات، إلا أنّ القوة الأهم بين القوى الثلاث هي قوة المرايا، حيث يتعرف الإنسان إلى نقاط القوة والضعف لديه، فيعمل على تنمية الأولى ومعالجة الثانية.

وتنطوي تلك القوة على مضمون عجيب، فهي تتضمن التصالح مع الذات، والقبول بما ما ليس منه بُدّ، فهنالك صفات خّلقية أودعها الله بنا، ولسنا قادرين على تغييرها كالطول ولون البشرة وشكل الشفاه والأنف وطول الأصابع وغيرها، ومن المعيب والمُحرّم أحياناً العبث بها.

تتصدر المشهد الآن عمليات التجميل، من نحت للوجه ونفخ للشفاه والخدود، وشفط للدهون، ونحت لكامل الجسم، وعبث بالحاجبين، وتغيير رسمة العين وشكل الأنف، وغيرها من عمليات التجميل الوهمي.

المشكلة أنه قد بات من الطبيعي اليوم أن تراجع السيدة مراكز التجميل شهرياً؛ بقصد التزود من السيلكون والفيلر والبوتكس وغيرها من الكيماويات التي تملأ أجسادهنّ، دون التفكير في تأثير هذه الكيماويات على مستقبلهن القريب والبعيد.

بل هنالك سباق محموم بين «فقاعات التواصل» اليوم للقيام بعمليات التجميل تلك، فنحن نعرف بعضهم وبعضهنّ في الماضي والحاضر، وكيف تغيرت أشكالهم وأشكالهنّ بشكل كبير، وكأنها قد أصبحت شخصية أخرى، لا علاقة لها بالشكل القديم بتاتاً.

الحكم الشرعي لتلك العمليات واضح ولا يحتاج إلى تلاعب، فإذا كان هنالك حاجة طبية لتلك العملية، مثل انحراف الوتيرة في الأنف لتحسين التنفس فلا بأس، ولكن تلك العمليات التي تعمل على تغيير الشكل بقصد الجمال فقط فهي محرّمة بلا شك، بل هي نوع من أنواع الخداع والتحايل على الطرف الآخر في حال الزواج.

تكلّف تلك العمليات عدة آلاف من الدولارات، وقد تكون خارج حدود إمكانيات الكثير من الرجال والنساء، ولكن تقوم المراكز المتخصصة بتلك العمليات بإجرائها مجاناً لعدد من المشاهير «الفقاعات» بقصد الترويج لمراكزهم وأطباءهم.

وبعد أن يتهافت الناس على تلك المراكز بتأثير من المشهور الفلاني، يضاعفون الأسعار على المراجعين، لتحصيل تكاليف الإعلان الذي جذبهم.

من الهام جداً أن تشكر الله الذي خلقك في أحسن تقويم، ووضع فيك صفات خَلقية محددة تتناسب مع احتياجك، وطلب غيرها من صفات الجمال والموضة يتعارض مع إرادة الله، وعبث في خلق الله القويم.

أنت بحاجة إلى التصالح مع ذاتك، والقبول بما وجدت نفسك عليه، فلون البشرة ورسمة العين وشكل الحاجب يختلف كثيراً بين البشر، ومتابعة الموضة في شكلك لا يحسّن منه، بل يجعل منك سلعة في يد تجار أحلام الجمال الوهمي.

اليوم في إقدامك على تحدي إرادة الله عز وجل، والاعتراض على خلقه القويم السليم، أنت تخاطر بحياتك في تعرضك إلى نسب عالية من المواد الكيميائية وإدخالها إلى جسدك، فحتى الآن، لا يوجد دراسات لتأثير تلك المواد على المدى البعيد، كما أن العديد من عمليات التجميل قد فشلت في تحقيق الشكل المطلوب، بل انعكست نتائج تلك العمليات سلباً على أصحابها، فلا هم قبلوا بالشكل الذي خلقهم الله عليه، ولا هم نالوا الشكل الجديد الذي يحلمون به.

بتسليمك لقضاء الله وقدره، وإيمانك بحكمته في كل صفة خّلقية وضعها بك، أنت تتصالح مع ذاتك، وتعلن القبول بها، وعدم الخجل من تلك الصفات الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، أنت تعمل على توفير المال الذي وهبك الله إياه لعمارة الأرض، واستخدامه في تحقيق طلباتك المشروعة، ومساعدة المحتاجين، لا أن تلقيه على عتبات مراكز التجميل لتغيير خلق الله.

copy short url   نسخ
27/04/2024
10