+ A
A -
د. طلال أبوغزالة مفكر عربي

يُنظر إلى الولايات المتحدة والصين في كثير من الأحيان على أنهما بلدان متنافسان لهما وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية العالمية. ومع ذلك، يكشف الفحص الدقيق أن العديد من خلافاتهما تنبع من أوجه التشابه المتزايدة بينهما، حيث تطبق الولايات المتحدة استراتيجيات صناعية لتعزيز أهدافها الوطنية الخاصة، بينما تحافظ الصين على نهجها الاقتصادي الذي تقوده الدولة.

لعبت الصين لعبة العولمة بشروطها الخاصة، حيث قامت بحماية وتعزيز صناعاتها بينما استغلت الأسواق الخارجية. وقد دعمت الحكومة الصينية قطاعات رئيسية لأسباب تجارية وأخرى تتعلق بالأمن القومي، مثل الاتصالات وأشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الحد من دخول الشركات الأجنبية إلى سوقها بينما استفادت من انفتاح الدول الأخرى واحتياجاتها المتزايدة لسلعها. ولقد أدت هذه الاستراتيجية إلى نمو اقتصادي وتقدم تكنولوجي، مما أثار أيضا الاستياء وردود الفعل السلبية من الشركاء التجاريين.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تريد أن يُنظر إليها كمؤيدة ومنفذة للوائح الاقتصادية العالمية والتجارة الحرة والأسواق المفتوحة والمنافسة العادلة، إلا أنها في الآونة الأخيرة اتخذت تدابير مماثلة لتلك التي تتخذها الصين من خلال فرض التعرفات وكبح الاستثمارات الأجنبية ودعم الصناعات المحلية، ما أثار المخاوف بشأن عدم عدالة الممارسات التجارية الصينية وسرقة الملكية الفكرية والتهديدات للأمن القومي، وهو ما يؤدي بوضوح للشعور من قبل الولايات المتحدة بعدم الأمان والرغبة في الحفاظ على هيمنتها وسط نفوذ الصين المتزايد. بل أجرؤ على القول إن الولايات المتحدة لا تعرف كيف تتعامل مع النمو الهائل لهذا العملاق الذي يهدد نفوذها الاقتصادي، وهو الآن جاهز لتولي الصدارة على المسرح العالمي من خلال كونه منافسا على قدم المساواة في كل مجال من مجالات النشاط الاقتصادي تقريباً.

وقد أثر الصراع التجاري بين هاتين الدولتين سلباً على اقتصاديهما وعطل سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى التجزئة وعدم اليقين الاقتصادي. كما أدى التنافس التكنولوجي بين البلدين إلى التجزئة وعدم اليقين فيما يتعلق بالابتكار، حيث أدى هذا التنافس إلى زيادة احتمال نشوب نزاعات وعدم استقرار على نطاق عالمي.

وبصفتي عضوا استشاريا في لجنة منظمة التجارة العالمية (WTO) المعنية بتحديد مستقبل التجارة ورئيسا للجنة إجراءات الأعمال لدعم مجتمع المعلومات، أرى أن هناك حاجة ملحة إلى لوائح جديدة للإشراف على الاقتصاد العالمي حيث تسعى كل من الولايات المتحدة والصين إلى تحقيق أجندتها الخاصة. لذلك يجب أن تسمح هذه اللوائح بالمرونة والتنوع في السياسات مع تثبيط الاستراتيجيات التنافسية الضارة، وضمان تكافؤ الفرص لجميع أصحاب المصلحة مع الحفاظ على سلاسل التوريد السليمة التي يعتمد عليها العالم.

copy short url   نسخ
25/04/2024
35