+ A
A -
تهاني المسفر

ارتبط وجود الحياة بوجود الماء، فحيث يوجد الماء تُبنى الحضارة وتزدهر، والإنسان يتتبع مواقع القطر ليحافظ على الاستمرار، فالإنسان عرف المعنى الحقيقي للوجود من خلال تتبعه للماء، والخالق جل جلاله ربط الحياة والأشياء بالماء حيث جعل من الماء كل شيء حي.

النفس البشرية متقلبة وهذا التقلب يظهر عليها في تقلبات الحياة، فعندما يحتاج الإنسان إلى الماء يطلبه ملحا كل الإلحاح، وإذا توفر له نسي أهميته ولا يستشعر وجوده إلا إن افتقده، وإذا زاد وجود الشيء قد يمل منه، وهذا لا يرتبط بالماء فقط، إنما بكل شيء ماديا ومعنويا، ولا شك أن الشيء إذا زاد عن حده قد ينقلب ضده، وهذا ما يحدث لنا عندما تهطل السماء بالقدر الذي لا نحتمله، فالسماء أكبر وأكثر اتساعا منا ومن الأرض، فإذا فتحت السماء أبوابها قد تغرقنا، وهذا ما حدث مع قوم نوح عليه السلام.

وإن مشاهد المطر التي نحبها ونفرح برؤيتها قد تتحول إلى مأساة نتيجة الإهمال والتقصير والغفلة، فتصبح اللحظة التي نحب مكروهة مذمومة، وبدل أن نقول يا سماء صبي ماءك فوقنا، نقول لها يا سماء أقلعي وأغلقي أبوابك فقد قتلنا ماؤك.

يا سماء أقلعي، قد نردد تلك العبارة في أحوال أخرى بعيدا عن الفيضان والمطر، ونقول يا أحزان أقلعي، يا حروب أقلعي، يا نار أقلعي، يا أحقاد أقلعي، لكل ما يسبب لنا دمارا أو خرابا أو حزنا أو ألما، كل ما يسبب هلاكا لنا نطلب منه أن يقف ولا يستمر، وخلاف ذلك نقول يا أفراح لا تقلعي، يا سعادة لا تقلعي، يا محبة لا تقلعي، وهذه الأماني التي ترافقنا وتتقلب معنا في الوجود[email protected]

copy short url   نسخ
20/04/2024
10