+ A
A -
ساري عرابي كاتب فلسطيني

اتسع هجوم المستوطنين ليصل قرى شرق رام الله بما يحاذيها من قرى جنوب نابلس، فطال قرى المغير وأبو فلاح وترمسعيا وديردبوان ودوما وقصرة والساوية وعقربا، بل وصل إلى بوابة مخيم الجلزون ومشارف منطقة البالوع في مدينة البيرة بالقرب من مسكن الرئيس الفلسطيني وبعض المقرّات الأمنيّة المهمة للسلطة الفلسطينية.

وكالعادة، وفي هجمات مماثلة سابقة للمستوطنين العام الماضي 2023، في حوارة وترمسعيا وأم صفا، فإنّ النتيجة عشرات الإصابات وارتقاء شهداء وحرق عشرات المنازل والمحلات التجارية والمركبات، وهو ما يمكن وصفه بالتجارب المتعددة والمتقاربة الممهدة لمشروع «الحسم» في الضفة الغربية الذي تتبناه جماعات المستوطنين وقوى الصهيونية الدينية برعاية المؤسسة الإسرائيلية الرسمية.

ما ينبغي الوقوف عنده تأسيسًا وكشفًا للمشهد كلّه، أنّ هذه الهجمة الأخيرة جاءت بعد اختفاء مستوطن أثناء رعيه للأغنام في أراضٍ يُمنع سكانها الأصليون من الوصول إليها وفلاحتها أو رعيها أو البناء فيها أو استثمارها بأيّ نحو كان، هذا المستوطن الذي تبين أنه مقتول لاحقًا بدوافع قومية بحسب التعبير الإسرائيلي (أي قتله فلسطينيون بدوافع نضالية) هو أحد مستوطني بؤرة استيطانية صغيرة مزروعة في تلك المنطقة.

يمكن الانطلاق من هذه النقطة لتلخيص الموقف في النقاط التالية:

أولًا ـ تكرّس الحالة الاستيطانية لوجودها ماديًّا ومعنويًّا في الضفة الغربية بتجذير العلاقة بين المستوطن والأرض، فالمستوطن الشابّ المقتول بحسب الصورة المنشورة له، يتسم بمظاهر المتدينين الصهاينة، أشقر شديد البياض، يطيل سالفيه ويرتدي قبعة «الكيباه» ويركب حمارًا ويرعى نعاجًا في منطقة ممتدة بالخُضرة.

الصورة بهذا القدر، تُذكّر ببعض الأفلام الغربية القديمة المدفوعة بالدعاية الاستعمارية، حول «الملك داود الراعي» الذي أقام «مملكة إسرائيل» الأولى في فلسطين. الصورة تبدو تمامًا وكأنها لقطة من واحد من تلك الأفلام.

ثانيًا ـ مشهد هجوم المستوطنات على القرى الفلسطينية ومداخل المدن وأحيائها المحاذية، نتيجة لتاريخ طويل من التمدد الاستيطاني الذي تعاظم من بعد توقيع اتفاقية أوسلو، مع افتقاد قيادة منظمة التحرير لأيّ إرادة لمراجعة مسارها الذي حوّل الضفة الغربية لدولة للمستوطنين.

ثالثًا ـ هجمات المستوطنين تنفذها تنظيمات ومليشيات، فليست هجمات قطعان ولا شراذم، هذه التنظيمات لها بنى هرمية، وعلاقات عضوية داخلية، ومرجعيات سياسية، ومرجعيات دينية، وبعضها نشأ بتشجيع من المؤسسة الرسمية، وبعضها يتبع بالفعل أحزابًا في حكومة نتانياهو هذه، وبعضها سرايا داخل جيش الاحتلال.

رابعًا ـ وليس آخرًا.. الهجمات الأخيرة لم تحظ بالتغطية الإعلامية المناسبة لأنها جاءت أثناء الضربة الإيرانية للكيان الإسرائيلي. فإنّ ما ينبغي التذكير به أن هجمات الحرق ممتدة منذ عشر سنوات في حين كان العام الماضي قبل 7 تشرين الأول/‏ أكتوبر عام الحرق واستباحة القرى الفلسطينية.{ عربي 21

copy short url   نسخ
20/04/2024
5