+ A
A -
آسيا العتروس

«الموت جاي» «سأضع خيمة قرب بيتي المهدم وأعيش هناك».. «دفنت أولادي الثلاثة ولازم ارجع إلى بيتي أو حتى ما بقي منه»..«أخشى التعرض لعملية قيصرية دون تبنيج».. بعض من صرخات نسائية فلسطينية قادمة من غزة تشهد على محنة نساء غزة في مواجهة أفظع وأقسى الاختبارات تحت الاحتلال الإسرائيلي.

والأكيد سيذكر التاريخ أن في غزة نساء من طينة لا تشبه طينة بقية نساء العالم وسيذكر التاريخ أن ما تحمله نساء غزة في ذاكرتهن اثقل من كل الماسي التي يتابع اطوارها العالم على المباشر.. لكل امرأة في غزة بدل الحكاية حكايات مع الاحتلال وفظاعاته غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية الحديث.. ومع طلوع كل يوم جديد تتجدد المعاناة ولكن وقعها غالبا ما يتجاوز ما حدث الليلة السابقة.. تصر نساء غزة على الإفصاح بمعاناتهن أو ما ظهر منها ولكن المعاناة الحقيقية مع الذات في اللحظات التي تحتاج فيها المرأة الفلسطينية قضاء شأن من الشؤون الخاصة بذخ وترف لا قدرة عليه..

.نساء غزة من مختلف الاجيال هدف معلن للاحتلال الذي يعتبر انهم في مقدمة المخاطر التي يجب ازالتها كيف لا و هن عنوان البقاء و الاستمرار و التوالد و التكاثر و لكن ايضا عنوان التحدي و الصمود و التمسك بالارض رغم المحرقة التي لا تستثنيشيئا و لا تستهدف أحدا …نساء غزة لا يعرفن الاستسلام و لا يقبلن بالهزيمة ..و عندما يستهدف الاحتلال فلذات اكبادهن فانهن يتقدمن مواكب الدفن و ينحنين لحمل ابنائهن على الاعناق و اطلاق الزغاريد و كانهن بصدد اعلان زفافهم ..و عندما استهدف القصف الاسرائيلي بيوتهن و عمد الى تشتيت شمل عائلاتهن كن يجمعن من بقي من الاحياء و يسعين الى حماية الاطفال اليتامى و تعويضهم حنان الام و حضن العائلة و جعلن من الخيمة ملاذا و بيتا جديدا.

أصر الاحتلال على العودة بغزة ونسائها وأطفالها إلى العصور البدائية فجعلت نساء غزة من الخيمة بيات يجمع ولا يشتت يحفظ الذاكرة ويعيد أحياء الأمل من بين الأنقاض ومن تحت الركام.. حري بنساء العالم المجاهرة بكل الطرق المتاحة والمطالبة بإنهاء محنة غزة بعد مقتل أكثر من عشرة آلاف امرأة بينهم ستة آلاف أم في غزة بعد ستة أشهر من الإبادة الجماعية.. عشرة آلاف امرأة في غزة تركن حوالي 19 ألف طفل يتيم وفق أحدث الإحصائيات، أما الناجيات منهن حتى الآن فيتعرضن للترمل والتشرد والتجويع…

نساء غزة بلا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا خدمات صرف صحي.. نساء غزة يعشن بين أطنان من النفايات بمعنى أن من لم تمت في القصف ماتت جوعا أو ماتت بسبب الأمراض والأوبئة..!

آسيا العتروس

كاتبة تونسية رأي اليوم

copy short url   نسخ
19/04/2024
5