+ A
A -
جريدة الوطن

كشف استطلاع رأي أجرته منظمة «هاتا» الإسرائيلية عن بيانات وصفها موقع «Walla» العبري في تقرير له، بأنها «مثيرة للقلق» بشأن الآثار طويلة الأمد لاستمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، على الإسرائيليين.

حيث كشف الاستطلاع أن حوالي نصف الإسرائيليين يعتقدون أن الحكومة التي يقودها بنيامين نتانياهو غير قادرة على التعامل مع مصاعب الحرب. وقال نحو ثلث المستجوبين إن وضعهم المالي ساء مقارنة بالعام الماضي، بينما أفاد نحو 40 % أن وضعهم النفسي ساء.

تدهور الوضع المالي للإسرائيليين

بشأن تدهور الوضع المالي للإسرائيليين، قال المشاركون في الاستطلاع إن أحد الأسباب الرئيسية هو تكلفة المعيشة بإجابة ساحقة بلغت 83.8 % من المستطلعين. وبعد ذلك تراكم الديون 27.3 % وزيادة سداد الرهن العقاري وارتفاع سعر الفائدة المرتفع والحاد 24.7 %.بالإضافة إلى ذلك، أجاب 14.9 % من أفراد العينة بأن دخل الأسرة قد تضرر بشكل كبير أو كبير جداً منذ اندلاع الحرب، بينما بين المستوطنين النازحين كانت النتيجة أعلى حيث بلغت 35.4 %.

استعداداً لعيد الفصح، قال 36 % إنهم لا يملكون أي وسيلة على الإطلاق أو أن وسائلهم محدودة للتحضير للعيد. ومن بين المشاركين ذكر 80 % أنهم سيتسوقون هذا العام بطريقة محسوبة ومحـدودة أكثر من العام الماضي، و3 % لن يتمكنوا من التسوق لقضاء العطلة على الإطلاق بسبب الصعوبات المالية.

على الصعيد الصحي، أشار 21.3 % من أفراد العينة المستجوية إلى أن حالتهم الصحية ساءت أو ساءت كثيراً مقارنة بحالتهم قبل الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

من بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، تم الإبلاغ عن تفاقم مضاعف بنسبة 43.2 %. وأفاد 75.9 % بأن حالتهم الصحية لم تتغير، مقابل 53 % بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. وذكر 2.8% فقط أن وضعهم تحسن أو تحسن بشكل كبير إلى جانب 3.8 % بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم.

فيما أفاد 38.6 % من أفراد العينة أن حالتهم النفسية ساءت أو ساءت كثيراً مقارنة بحالتهم قبل الحرب، مقارنة بـ66.5 % بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم.

بينما أشار 57.4 % إلى أن حالتهم النفسية لم تتغير، مقارنة بـ 29.2 % بين الذين تم إجلاؤهم، وأشار 4 % فقط إلى أن حالتهم تحسنت أو تحسنت بشكل كبير، مقارنة بـ 4.3 % من الذين تم إجلاؤهم.

تأثير الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة

يأتي ذلك بينما كشفت تصريحات رسمية عن تأثير الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة على الاقتصاد الإسرائيلي، إذ ذكر المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء، الثلاثاء، أن الاقتصاد انكمش 21 % في الربع الأخير من 2023 على أساس سنوي مقارنة بالربع السابق عليه.

جاء ذلك بعد انخفاض 19.4 % في التقدير الأولي الذي تم تعديله الشهر الماضي بالانكماش 20.7 %.

شنت إسرائيل حربها المستمرة إلى الآن على قطاع غزة، في 7 أكتــوبر/‏ تشرين الأول، وأدت إلـــــــى انخفاضـات حـــــــادة بنـــسبة 22.5 % بالصادرات، و26.9 % بالإنــــفاق الخــــاص، و67.9 % بالاستثمار في الأصول الثابتة، و42.4 % بالواردات، في الربع الأخير.

مع ذلك، قفـــــز الإنفاق الحكومي في إسرائيل 83.7 %. وأفاد المكتب الإثنين 15 أبريل/‏نيسان، بأن معدل التضخم السنوي ارتفع بأكثر من المتوقع إلى 2.7 % في مارس/‏آذار من 2.5 % في فبراير/‏شباط.

بينما قالت وزارة المالية الإسرائيلية،إن الحرب زادت الديون إلى المثلين العام الماضي. وأفادت الوزارة بأن الديون بلغت 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) عام 2023، من بينها 81 مليار شيكل (21.6 مليار دولار) منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/‏ تشرين الأول 2023.

فيما اقترضت إسرائيل 63 مليار شيكل (16.78 مليار دولار) خلال عام 2022 بأكمله.

قال المحاسب العام يالي روتنبرغ إن عام 2023 كان مليئاً بالتحديات، واستلزم زيادة حادة في احتياجات التمويل، وإنه «تطلب تعديلات تكتيكية واستراتيجية» في خطة الحكومة للاقتراض.

أضاف «على الرغم من أوجه الغموض والتحديات العديدة، فإن القدرة على الاقتراض في الأسواق المحلية والعالمية، حتى في أوقات الحرب، بمبالغ كبيرة ونسب تغطية عالية جداً، تُظهر الإمكانية الكبيرة لوصول إسرائيل إلى الأسواق».

بينما بلغ إجمالي الدين 62.1 % من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل عام 2023، ارتفاعاً من 60.5 % العام السابق له، بسبب ارتفاع الإنــــفاق الحــــربي، ومن المتوقع أن يصل إلى 67 % هذا العام.

لقد كبدت الحرب الاحتلال الكثير من الخسائر الآنية، وخسائر مستقبلية، إذ سيجد الاحتلال نفسه في موقف صعب لتسويق ذاته من جديد كقوة أمنية وتكنولوجية جديدة في المنطقة. بالإضافة إلى سمعته الدولية التي تضررت ودُمرت أمام العالم، والتي سعى لسنين لتبيضها لتسويق نفسه ككيان طبيعي وليس استعمارياً.

وقد قالت وزارة المال الإسرائيلية في بداية الحرب إن كلفة العدوان على غزة فقط دون التحدث عن الجبهة اللبنانية تبلغ نحو مليار شيكل في اليوم الواحد، أي ما يعادل 267 مليون دولار تقريباً.

بينما يرى الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال الإسرائيلي، رمزي حلبي، أن «التـــكلفة المباشرة للحرب تصل إلى مليار دولار أسبوعياً». وأضاف: «الاقتصاد (في إسرائيل) لا يسير في الاتجاه الصحيح (في زمن الحرب)، وهذا شيء مقلق»، معتبراً أن «كل المعطيات تقول إن الاقتصاد في خطر».

وفي حال استمرار الحرب لفترة طويلة، سيكون «الاقتصاد الإسرائيلي على حافة الهاوية، وهذا شيء خطير جداً»، حسب ما ذكر حلبي.

بينما في بداية سنة 2024 أفادت تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية بأن إسرائيل سجلت عجزاً في الميزانية قدره 4.2 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، بسبب ارتفاع الإنفاق الحربي في الربع الأخير من العام، وانخفاض الدخل الضريبي، وارتفع العجز المستهدف في موازنة 2024 إلى 6.6 % من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان 2.25 %.

وقدرت رويترز أن الحرب سوف تخفض النمو الاقتصادي لعام 2024 بنسبة 1.1 نقطة مئوية ليبلغ نحو 1.6 %. وقالت إنّ الأثر المالي للحرب يقدّر بنحو 150 مليار شيكل (40 مليار دولار تقريباً) في 2023-2024، على افتراض انتهاء القتال العنيف خلال الربع الأول من العام الحالي.

إن إسرائيل، عبر استمرارها في حربها الهمجية على الفلسطينيين دون رؤية سياسية محددة أو أهداف قابلة للتحقيق، لا تكتفي بتحمل خسائر اقتصادية جسيمة فحسب، بل تدخل فــــــي مأزق سياسي ووجودي على المستوى الدولي؛ إذ تتعاظم هزائمها السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم، في ظل قطع سكة قطار التطبيع وتدهور سمعتها الدولية. فشعوب العالم بأسرها أصبحت شاهدة على إجرامها الاستعماري، وبدأت تعيد تقييم موقفها من إسرائيل، ما سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى تصدع جدار الصمت، والقبول الدولي الــــذي كانت تتمتع به في السابق. إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي فــــــي الحرب وتعنته بعدم قبول الهزيمة، يهدد مستقبله ويضع علامة استفهام كبـــــرى حول مستقبله السياسي والاقتصادي.

copy short url   نسخ
19/04/2024
45