+ A
A -
سما حسن كاتبة عربية

في الحروب التي مرّت على غزّة، فقد كثيرون أطرافهم، كما استخدم جنود الاحتلال المتمركزون عند حدود القطاع، خلال «مسيرات العودة»، أسلحة محرّمة تفتّت عظام أرجل الشبّان وتهتك أنسجتها، ما يجعل البتْر خياراً وحيداً لإنقاذ حياة المُصاب.

وفي الحرب الطاحنة اليوم، التي لم نشهد لها مثيلاً، من ينجو من الموت اللحظي يموت موتاً بطيئاً بسبب فقدانه أحد أطرافه، العلوية أو السفلية أو جميعها. وأوجعتْنا صور الأطفال المصابين ومشاهدهم، خصوصاً من فقدوا ذراعاً أو ساقاً، يتساءلون في براءةٍ موجعة، ومع كلّ أملٍ ورجاء، عما إذا كانت ساقٌ أو يدٌ جديدةٌ ستنبُتُ عوضاً عن التي غابت في حفرة أو التي تحولت أشلاءَ يصعب جمعها.

يقدّر الأطباء أنّ هؤلاء الأطفال، ومعهم كبار السن، أكثر عرضة لبتر الأطراف لعدم قدرة أجسادهم على الصمود أمام الجروح والحروق التي تنال منهم. الشبّان معرضون أيضاً لبتر أطرافهم، وقد يرجون الأطباء كي لا يبتروها حين تُصاب إصابة بالغة، كما كانت حال المصوّر سامي أبو شحادة، الذي لم يكن لدى طبيبه حلّ بديل عن بتْر قدمه، أصرّ بعدها أبو شحادة على العمل بساق واحدة. هل يمكن لك أن تتخيّل كيف ستكون الحياة مع جسدٍ ينقصُه عضو من أعضائه؟!.. كيف هي حال من فقدوا أطرافهم الأربعة؟! إذا أطلقت العنان لخيالك بشأن ذلك، فستعلم كم يعوق ذلك الحياة..!

من المؤلم أيضاً أن تعلم أنّ هناك حالات كان من الممكن أن تعالج من دون اللجوء إلى البتْر، لكنّ نقص وسائل الإسعاف والمضاعفات، من تسمّم وضعف تروية للعضو المصاب تدفع إلى اتخاذ قرار البتْر، وهو الأشد قسوة على الطبيب والمريض معاً.{ العربي الجديد

copy short url   نسخ
18/04/2024
5