بعد التهديد والوعيد والترقّب والانتظار، ردّت إيران بهجوم مُسيّر وصاروخي على مواقع عسكرية في إسرائيل. صاحبَ الهجوم تصريح دبلوماسي للبعثة الإيرانية في الأمم المتحدة وتضمّنَ توضيحين: أنَّ الرد الايراني هو دفاع عن النفس ووفقاً للمادة 51 من ميثاق الامم المتحدة، وهو رد على اعتداء إسرائيل على القنصلية الإيرانية في سوريّة، والتوضيح الثاني هو إعلان انتهاء المهمّة، واستعداد إيران لتكرار الهجوم وبسلاح أقوى إذا ما قامت إسرائيل بالاعتداء.
كان النزال إيرانياً إسرائيلياً، واكتفى حلفاء الطرفين بدعم محدود.. هي الجولة الأولى من المعركة، أو ربما هي المعركة إنْ ردّت إسرائيل. وهي محدودة جداً بنتائجها العسكرية، ولكنها غير ذلك بأبعادها السياسية. لم تتضرر كثيراً إسرائيل، وأعلنت بانها أسقطت 99 % من الصواريخ التي استهدفتها وبمساعدة أميركا وبريطانيا.
واعتقد من مصلحة إسرائيل التقليل مما أصابها من أضرار، كي تبرّر عدم الرد والحيلولة دون التصعيد وكسب رضا أميركا، التي تتفادى التصعيد، ولذلك سارعت الإدارة الأميركية، عند بدء الهجوم، بالطلب من إسرائيل التشاور معها أن عزمت الرد على الهجوم الإيراني.
لا تريد الأطراف المتحاربة الذهاب ابعد من ذلك، ولكن هل الغطرسة الإسرائيلية ستسمح لإسرائيل بالقبول والسكوت عن ما حصل، هنا يأتي الدور الأميركي لاقناع إسرائيل بعدم الرد، وقد أبلغ فعلاً وزير خارجية أميركا نتانياهو بأنَّ أميركا لن تشارك بأي عمل ستقوم به إسرائيل، مع الاخذ بعين الاعتبار ما جبلت عليه الإدارة الأميركية من كذبٍ ونفاق في العلاقات الدولية، وخاصة فيما يتعلق بمصالح إسرائيل.
خسرت إسرائيل معادلة التكافؤ الاستراتيجي بينها وبين إيران، وكلاهما (الكيان المحتل والجمهورية الإسلامية الإيرانية) دخلا في حالة حرب، وهي أوسع من حالة العداء، وربما ستكتفي إسرائيل ببيان يتعهد بالرد على العدوان الإيراني بالوقت وبالمكان المناسب، كما خسرت، من قبل معادلة «توازن الرعب» بينها وبين حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق.
كان الرد الإيراني مدروساً من الناحية السياسيّة، وقبيل وأثناء الهجوم تبنّت إيران تصريحات، وهي بمثابة رسالة إلى أميركا، مفادها أن المعركة هي بين إيران والكيان المحتل، وننصح أميركا بالابتعاد.
إعادة فتح المجال الجوي لإسرائيل ولكافة الدول في المنطقة هو مؤشر على غياب رد إسرائيلي.رأي اليوم
