+ A
A -
جريدة الوطن

تشتهر دولة قطر بالعديد من المناطق الأثرية التي يرجع تاريخها إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.. إذا قارنا هذه المواقع بتلك التي في السودان نجد أن المواقع السودانية في مجملها معابد وجبانات وأهرامات، وهي قبور للملوك والنبلاء، وكل هذه المباني ذات علاقة بالدار الآخرة.

يقول أهل العلم إن الطلاب والدارسين لعلم الحضارة يفهمون عنها في المواقع الأثرية بصورة شاملة أفضل بكثير من الذين يتلقون المعلومات عنها في قاعات الدراسة، وليس من رأى كمن سمع. من هنا تنبع أهمية أخذ الطلاب إلى هذه الأماكن ليقفوا على أمجاد آبائهم الذين طوعوا الظروف وقهروا المستحيل من أجل وضع اللبنات الأولى للحضارة بالرغم من غياب المعينات التي تساعد في هذا الصدد.

أذكر عندما كنا طلابا بقسم الآثار جامعة الخرطوم وعند الدخول لمعبد أو هرم نبدأ بتلاوة شيء من القرآن ليحمينا من الأرواح الشريرة التي قيل إنها تحرس المومياوات والكنوز داخل المدفن. ما يرعبنا حقا هو أننا كنا نجد حجرا عند رأس الميت مكتوب عليه باللغة الهيروغليفية «كل من يقلق منام هذا الميت يصاب بداء عضال لا برء منه» وهو ما يسمي بلعنة الفراعنة التي أهلكت كثيرا من الباحثين، وأذكر أننا أصبنا بخوف شديد عندما سمعنا بصوت مثل صوت الريح مجلجلا في سرداب المقبرة، فرفع المشرف علينا نظرة ركنية حادة وقال: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه - وصدق ما يعتاده من توهم !!!!

نذكر من مواقع قطر الآثرية الآتي:

قلعة الزبارة: شيدت في عام 1938 م كموطن لصائدي اللؤلؤ، لها أسوار عالية وجدار يبلغ سمكه مترا لحماية الصيادين، كما طبيعة المواد المستخدمة في البناء تعمل علي تلطيف الطقس. في عام 2013 م تم وضع القلعة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

موقع الجساسية للنقوش الحجرية: به نحو 874 نقشا تعود للعصر الحجري الحديث وتضم أشكالا للسمك وطائر النعام والأواني الفخارية التي كانت تستخدم لحفظ اللؤلؤ.

قلعة الركيات: قلعة صخرية يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر الميلادي وقد بنيت لحماية الموارد المائية. بها بئر ماء عذب عمقها 5 كيلومترات مما يوضح كمية العناء الذي يتكبده إنسان المنطقة في الحصول علي مياه الشرب. بها ثلاثة أبراج مستطيلة ورابع دائري وفي كل برج سلم حلزوني يصعد إلى قمة البرج..موقع الرويضة الأثري: من أهم المواقع حيث نجد به حوضا عائما لصيانة السفن والقوارب ومسجدا ومعاصر للتمور، والتمر معروف بأنه الغذاء الرئيسي للمسافرين والقوافل كما أنه يقاوم عاديات الدهر وآفات الزمن.

أبراج برزان: يقع البرجان في منطقة أم صلال وقد شُيدا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وتم ترميمهما في عام 1910 ويبلغ ارتفاع البرج 16 مترا من الصخور المرجانية والحجر الجيري. كانت هذه الأبراج تستخدم في مراقبة السفن إلى الميناء ورصد التواريخ القمرية ودقة التواريخ والتوقيت صيفا وشتاء. من المدن القديمة التي كانت تستخدم هذا النوع من الرصد هي بابل بأرض العراق مما يدل على أن هنالك تواصلا بين تلك الحضارات القديمة رغم بعد المسافات ومشقة السفر.

هنالك قلاع أخرى ومواقع غاية في الأهمية بدولة قطر الا أنني أكتفي بذلك على أمل أن يقوم طلاب التاريخ أو الآثار بعمل بحوث عن العلاقات التجارية قبل القرن الثامن عشر لهذا البلد، وقد بانت كل الشواهد على ذلك من خصائص هذه المواقع..الحصون والقلاع والمتاحف من أكثر المناطق جذبا للسياح ومصدر لتنويع مصادر الدخل، سيما ونحن في زمن تصرف فيه شعوب الكرة الأرضية 20% من دخلها على السياحة والتي صار لها عدة أقسام وهي: الترفيهية، العلاجية، الدينية، البحرية، التأملية، الجبلية، الصحراوية والرياضية، وهنا في قطر تشمل السياحة معظم هذه الأقسام.د.فتح العليم عبد الله

أستاذ جامعي[email protected]

copy short url   نسخ
16/04/2024
35