+ A
A -
كمال خلف كاتب وإعلامي فلسطيني

هذه المرة الأولى التي تضرب بها إيران الكيان الإسرائيلي مباشرة في العمق، سبق ان استهدفت إيران مصالح ومقرات للاستخبارات الإسرائيلية في أماكن مختلفة، ردا على اعتداءات إسرائيلية استهدفت المصالح الإيرانية، كما جرى حين شنت إيران هجوما على مقر تابع للموساد الإسرائيلي في أربيل شمال العراق. لكن الهجوم الحالي مختلف كليا، ويدخل التاريخ، ويدخل المنطقة كلها في تاريخ جديد. ولعمري انه حدث كبير، بمستوى التحولات الهائلة التي نشهدها يوميا على مستويات متعددة.

معروف ان الاستهداف الإيراني للعمق الإسرائيلي أتى ردا على عدوان إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال قادة بارزين في الحرس الثوري، لكن ما كانت تريده إيران ربما هو ابعد من ذلك، ويرمي إلى تشكيل ما هو جديد، يجب مسار سنوات قبله، وتبني على معطيات حديثة لموقع إسرائيل الراهن في البيئة السياسية والأمنية الإقليمية والدولية.

بتقديرنا ان اطراف محور المقاومة كلهم باتت لديهم قناعة ان إسرائيل لجأت إلى الافراط في استعراض العضلات خارج نطاق جغرافية الحرب في غزة، للتمويه على حالة الضعف التي وصلت اليها، واتبعت سياسة التظاهر بمن لا يخشى حربا أو من يسعى إلى فتحها، بينما الحقيقة ان إسرائيل بوضع لا تستطيع فيه الدفاع عن نفسها منفردة، وان هناك إمكانية باتت باليد لهزيمتها هزيمة مطلقة، لو كانت المواجهة معها هي فقط وليس مع الأطلسي والدول الغربية والولايات المتحدة. اول أمس تولت الطائرات الأميركية والبريطانية مهمة التصدي للمسيرات والصواريخ الإيرانية.

قد يذهب البعض محقا في توصيف الهجوم المباشر الأول لإيران في تاريخ الصراع بين البلدين، بانه نوع من محاولة إيرانية لفرض معادلة ردع، تلجم إسرائيل عن التمادي في هجماتها ضد المصالح الإيرانية، إلى ان وصلت إلى تجاوز الخطوط الحمر وضرب القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية العالمية واستهداف القنصلية الإيرانية بدمشق. بيد اننا ملزمون وجوبا، ربط الهجوم الإيراني بمفرادته بسياق الاحداث منذ طوفان الأقصى، والمراحل التي مرت بها الحرب الإسرائيلية في غزة أولا، وجبهات الاسناد متعددة الجغرافيا والأساليب، ووضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والنظام الدولي، ونظرة المجتمع العالمي للحرب الإسرائيلية.

ومن خلال هذا الربط يمكن الاستنتاج، بان محور المقاومة يتقدم بخطوات لوضع إسرائيل في مكانها الفعلي وفق حجمها الجديد، المناقض لما كانت عليه منذ العام 1948 مرورا بتاريخ من الحروب ضد العرب، جعلها بمكانة التفوق والغطرسة.

ما نحن ذاهبون اليه بعد هذا الرد الإيراني في عمق إسرائيل وبهذا الكم من المسيرات والصواريخ، هو ان تتحول إسرائيل ساحة، ولن يكون وضعها كما كانت، تعتدي وتقصف وتدمر في غزة والضفة ولبنان وسوريا وايران.رأي اليوم

copy short url   نسخ
15/04/2024
20