+ A
A -
ظاهر صالح كاتب فلسطيني

أليس كثيرا على أي منّا أن يحمل على كاهله هموم ومتاعب أمسه ومعاناة يومه وما يخبئه الغد، فكأنه لم يكفه ما هو عليه من واقع وحاضر مؤلم نتيجة أحداث يتجرّع مرارتها كلما أقبلت مناسبة كالعيد أو غيره ليجد نفسه بين كومة تجتمع فيها صنوف الألم والعذاب الممزوج بالحنين إلى أيام وبيوت وأمكنة كانت تجمع فيها أفراد العائلة والأهل والأقارب والأصحاب والجيران، ولسان حاله يقول:

غابت بهجة العيد في هذا العام عن قطاع غزة المنهك أهله والمحاصر، من عدو بغيض محتل لا يعرف إلاّ القتل والخراب والفساد في الأرض.

انطفأت تلك الألوان الزاهية والأضواء البراقة وضجيج الناس، والخطوات التي يتسابقون بها لملء الأرصفة والشوارع والحارات، وحضرت أصوات القصف والصراخ والفقد والدمار، فلا ملابس جديدة ولا بحث عن مكان للتنزه، سوى مكان يجلس فيه الواحد ويجّمع ما تناثر من ذكريات، ويبكي بحرقة على فراق الأحبة، يذرف دموعاً يرجوها أن تبرّد نيران الحزن في جوفه.

أحزان تتوزع على مساحة أرض تكثُر فيها الآلام، يتجرّعون مُر الفراق وألم الفقد، تعتصرهم العبرات التي ستبقى موشومة حسرة في القلوب وجراح لا تبرأ.

هذا هو حال أهل غزة في العيدفكل عائلة تتذكر فقيدها وجريحها أباً كان أو أماً أو أخاً وأختاً أو ابناً وبنتاً أو من الجيران، هذا ما يشعر به الفلسطيني في قطاع غزة عندما تعود به الذاكرة إلى الأحداث التي مرت وتمرُ عليه، وما زالت جاثمة على صدره ومخيلته، أحداث يفوق وقعها آلاف الكلمات كم قيدته ومنعته من بهجة العيد وفرحته المسلوبة، مستذكراً كل مآسيه وآلامه، يفتح خزائن أحزانه كتابوت حزن لا تتسع الأرض لدفنه.عربي بوست

copy short url   نسخ
14/04/2024
25