+ A
A -

لا يمكن لعاقل أن يعتقد أن جيش الاحتلال في فلسطين يملك لوحده كل هذه القوة الضخمة التي تسمح له بضرب كل المواثيق والقوانين والأعراف الدولية عرض الحائط دون أن يخشى أية ردة فعل إقليمية أو دولية مهما كان حجمها. فمن غير الممكن أن يرتكب الكيان المحتل كل هذه المجازر على مرأى ومسمع من العالم أجمع وبهذه الوحشية دون أن يحسب حسابا لأي طرف.

فبعد كل اجتماعات المحكمة الدولية وكل قراراتها وبعد الخطب والتصريحات والقرارات والبيانات بعد كل هذا لا تزداد المجازر إلا عنفا ولا تتوقف أنهار الدماء عن السيلان. بل الأدهى من كل ذلك أن جيش الاحتلال يتحصل يوميا على مليارات المساعدات العسكرية والتقنية والاستخباراتية والمالية.

فوق كل ذلك لا تزال جرائم الاحتلال تحظى بإسناد إعلامي منقطع النظير في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة.

إن هذا المشهد الممتد منذ ستة أشهر والمرشح للتواصل حتى بعد أشهر أخرى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحركة الصهيونية ليست دولة ولا جيشا بل هي تجسيد حقيقي لشبكة دولية عالمية إن لم نقل إنها أكبر وأقوى الشبكات العالمية التاريخية. هي من جهة تراكمٌ تاريخي معقّد لشبكات ومراكز قوى مالية وسياسية عميقة داخل المنظومة الأوروبية والأميركية والغربية بشكل عام. وهي من جهة أخرى قاعدة عسكرية ومالية واستخباراتية متقدمة للقوى الغربية.

ليس المشروع الصهيوني إذن مجرد قوة احتلال لأرض فلسطين بل هو مشروع استعماري متقدم يجمع داخله كل أطماع الغرب التاريخية والمستقبلية في المنطقة. وهو الأمر الوحيد الذي يمكنه أن يفسّر سُمك هذا الغطاء الإعلامي والعسكري والمالي الذي تحظى به الصهيونية في الأرض المحتلة.

في المقابل يواجه شعب غزة آلة الموت الصهيونية عاريا من كل غطاء دولي بل حتى المقاومة إنما تنشط تحت الأرض بعد أن صار التحرك على وجهها شبه مستحيل.

copy short url   نسخ
04/04/2024
35