+ A
A -
كتب أكرم الفرجابي

دعا عدد من علماء الدين إلى اغتنام العشر الأواخر من الشهر الفضيل، لافتين إلى أن هذه الليالي هي أفضل ليالي العام على الإطلاق، فكل الطقوس الرمضانية يمكن للإنسان أن يدركها، لكن هذه الليالي لا يستطيع إدراكها إلا في وقت معين، مطالبين بضرورة تكثيف العبادات لأن الخاسر من يفرط في عبادات العشر الأواخر.

وأكدوا في حديثهم لـ «الوطن » أن الاعتكاف في العشر الأواخر له فضل عظيم، لأنها عشر مباركات، وفيها يلتمس المؤمنون والمعتكفون ليلة القدر التي جعلها الله خير من ألف شهر، كما أن الاعتكاف ليس مجرد مكث في المسجد وأكل وشرب ونوم وأحاديث في أمور الدنيا، لكنه انقطاع تام عن شواغل الحياة والتفرغ للعبادة.

أفضل الأعمال

بداية يقول فضيلة الداعية أحمد بن محمد البوعينين، إن أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد في العشر الأواخر هي قراءة القرآن، فالإنسان إذا صلى التراويح أو صلى القيام كُتب له قيام ليلة، فيجب أن يستزيد من قراءة القرآن، لأن بكل حرف عشر حسنات، متناولا فضل الاعتكاف في العشر الأواخر من الشهر الكريم، مبينا أن الاعتكاف سنة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حيث اعتكف النبي، صلى الله عليه وسلم، العشر الأواخر من رمضان، وفي آخر سنة من حياته، صلى الله عليه وسلم، اعتكف العشر الوسطى من رمضان والعشر الأواخر أيضاً.

ودعا فضيلته إلى اغتنام العشر الأواخر من الشهر الفضيل، مشددا على أن هذه الليالي هي أفضل ليالي العام على الإطلاق، فكل الطقوس الرمضانية يمكن للإنسان أن يدركها، لكن هذه الليالي لا يستطيع إدراكها إلا في وقت معين، مبينا أن القصد من الاعتكاف في العشر الأواخر التفرغ للعبادة، فمن أراد أن يعتكف في رمضان عليه أن يفرغ نفسه للطاعة والعبادة، ويتخلص من كل ما يشغل نفسه من أي اتصالات خارجية، فإذا دخل المسجد تفرغ للعبادة إما بصلاة أو تلاوة قرآن، أو بإمكان الإنسان أن يرتاح قليلاً حتى يستعيد عافيته ثم يستمر بطاعة، إما بقراءة قرآن أو صلاة، ففي هذا الاعتكاف يستزيد الإنسان من الخير، فالمعروف أن العشر الأواخر أفضل الليالي على الإطلاق، فأفضل الليالي في العام كله العشر الأواخر من رمضان، فالإنسان إذا اعتكف يستغل وقته في طاعة وفي تدبر وفي قراءة القرآن.

وحول الأشياء التي يجب أن يبتعد عنها المعتكف، أوضح فضيلته إنه يجب على المعتكف الابتعاد عن كل ما يلهينا في هذه العشر الأواخر، وأن يتفرغ للعبادة فقط، فهناك أشياء ملهيات دنيوية كثيرة، فيجب علينا في هذه العشر الأواخر الابتعاد عنها، والإنسان إذا لم يستطع أن يعتكف في المسجد عليه أن يعتكف في بيته ويستزيد من قراءة القرآن، فإن كان يقرأ في اليوم جزءاً أو اثنين فعليه في هذه العشر الأواخر أن يقرأ 4 أو 5 أجزاء، لما في هذه الأيام من خير، مطالبا المعتكفين بالابتعاد عن السلوكيات السيئة في العشر الأواخر، مثل استخدام الجوال أو التجمعات في المساجد، داعيا كل معتكف أن يأخذ لنفسه مكاناً منفرداً في المسجد، ويفرغ نفسه للعبادة من صلاة وقراءة قرآن وذكر لله تعالى، لما في هذه الأيام من خير كثير.

القربات والطاعات

ومن ناحيته أكد فضيلة الداعية الدكتور عبد الله السادة، على أهمية الاعتكاف في المسجد خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، مُذكرا بنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام العظيمة، مستدلا بحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»، مشيرا إلى أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كان حريصا على الاعتكاف، لافتا إلى أن الاعتكاف هو المكث في المسجد وذلك تحريا لليلة القدر.

ونوهَ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يترك كل الشواغل الدنيوية ويتفرغ في هذه الأيام للعبادة، من ذكر وصلاة وقراءة للقرآن، تحريا لليلة القدر، مضيفًا: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم «كنتُ نَذَرْتُ في الجاهليَّةِ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحَرامِ، قال: فأوفِ بِنَذرِك»، مشيرا إلى أنه يجوزُ أن يعتكفَ المسلم ليلة واحدة في المسجد لكي يتحرى ليلة القدر، مبينا أن الاعتكاف في العشر الأواخر له فضل عظيم لأنها عشر مباركات، وفيها يلتمس المؤمنون والمعتكفون ليلة القدر التي جعلها الله خير من ألف شهر، منوها بأن هذه ليلة بالعمر تساوي في ميزان الحسنات 83 عاما أو يزيد لمن قضاها في القربات والطاعات.

أعظم ليالي الدهر

ومن ناحيته شدد فضيلة الداعية د. محمد بن حسن المريخي على ضرورة اغتنام العشر الأواخر من رمضان، مبينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعاملها معاملة خاصة تختلف عن بقية أيام الشهر ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره، مؤكدا إن هذه الأيام فرصة لتصحيح الأخطاء، وتعديل المعوج، والتبرؤ من الذنوب والتعلق بحبل الله المتين، قائلا: كل بني آدم خطاء، ولكن خير هؤلاء التوابون العائدون إلى ربهم النادمون الذين يستغلون مثل هذه الأيام ويغتنمون مثل هذه الليالي ليعقدوا الصلح مع ربهم عز وجل ويعاهدوه على السير في مرضاته ومجانبة سخطه وغضبه.

وقال د. المريخي إن في هذه العشر الفاضلات ليلة عظيمة من أعظم ليالي الدهر بل هي أعظم الليالي وأكرم الأوقات ذكرها الله تعالى وخصها بسورة تتلى في كتابه، إنها ليلة القدر ولا يخفى عليكم فضلها ومقامها، أنزل الله تعالى فيها هذا القرآن العظيم تشريفاً لها وتعظيماً لوقتها (إنا أنزلناه في ليلة القدر...) (إنا أنزلناه في ليلة مباركة...) إنها خير من عبادة ألف شهر، تتنزل فيها الملائكة الكرام ومعهم كبيرهم جبريل الروح الأمين بالرحمات والخيرات والبركات يبشرون عباد الله المتقين، وقتها كله سلام ورحمة وبركة، بشر رسول الله الأمة أن من قامها يصلي ويدعو ربه غفرت ذنوبه ومحيت سيئاته ورفعت درجاته، يقول (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم.

إدراك ليلة القدر

وبدوره أشار فضيلة الداعية عبد الله محمد النعمة إلى أهمية الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لإدراك ليلة القدر، منوها بأن الصالحين كانوا يعدون الأيام عدا، شوقا لهذه العشر الفاضلة، مستشهدا بقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «المحبون تطول عليهم الليالي فيعدونها عدًّا لانتظار ليالي العشر في كل عام، فإذا ظفروا بها نالوا مطلوبهم، وخدموا محبوبهم»، منوها بأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بعده والتابعون لهم في القرون المفضلة، كانوا يجتهدون في العشر المباركات من رمضان، وينقطعون للصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن والإكثار من أعمال الخير كالصدقات والزكاة والإحسان إلى الخلق وبذل المعروف بجميع صوره وهيئاته وحالاته.

وشدد فضيلته على أنه لا يلزم أن يعلم من أدرك ليلة ‏القدر أنه أدركها، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص والصدق والقبول من الله تعالى، وأن المعول على القبول لا على العمل، والاعتبار ببر القلوب لا بعمل الأبدان، ‏فكم من قائم محروم، ونائم مرحوم، هذا نام وقلبه متصل بالله تعالى ذاكرا شاكرا عابدا، وهذا قام وقلبه غافل حاقد معرض عن الله تعالى، مشيرا إلى ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره» ‏وعنها في الصحيحين، رضي الله عنها قالت: «كان النبي ‏صلى الله عليه وسلم إِذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ، أَحْيا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَه، وجَدَّ وَشَدَّ المِئزرَ». ‏

copy short url   نسخ
29/03/2024
110