+ A
A -
كتب محمد الجعبري

أكد عدد من المواطنين والخبراء التربويين على أهمية المجالس الرمضانية في تعريف وتوعية الجيل الجديد بالعادات والتقاليد الراسخة في ذاكرة وتراث الشعب القطري، حيث إن المجالس لها آداب وتقاليد توارثها الشعب القطري عن الآباء والأجداد، لافتين إلى أهمية اصطحاب الآباء لأبنائهم الصغار لحضور هذه المجالس، وهو ما يساهم في غرس القيم والتقاليد القطرية في نفوس الأبناء، بحيث تصبح جزءا من سلوكهم وتصرفاتهم.

وأشاروا إلى أهمية المجالس الرمضانية والتي تحفظ عادات وتقاليد الشعب القطري، بالإضافة لعادات الشهر الفضيل، والتي تشمل استقبال الاقارب والضيوف على موائد الإفطار أو الغبقات، بالإضافة لجلسات النقاش والتي تبدأ منذ انتهاء صلاة التراويح، لافتين إلى أهمية حضور صغار السن لهذه المجالس، حيث يتعلم فيها الأطفال العادات والتقاليد، والتي تشمل طرق الترحيب بالضيف وإكرامه وكيفية تقديم القهوة العربية.

وأوضحوا أن تجمع الأخوة وأبناء العمومة بمنازل كبار العائلات «الشياب»، يكون له انعكاس إيجابي كبير في إلمام الأبناء بحكمة الكبار، وتعلم الموروث القطري القديم، كما أن حضور مجالس المشايخ والأعيان بالعائلات، يساهم في التعرف على حكمة هذا الجيل القديم وحنكته في حل المشكلات، واحترام القبائل القطرية لبعضها والتي تعكس اللحمة الوطنية بين أهل قطر، كذلك طرق الترحيب بالضيوف وإكرامهم، والتي تبدأ بتقديم القهوة العربية للضيوف ثم تقديم الطعام وآداب الحديث والإنصات للكبار وعدم مقاطعة الحديث العام للمجلس.

وفي بداية حديثه قال السيد علي طالب الحنزاب: تعلمنا منذ الصغر إن «المجالس مدارس»، فالمجالس قامت بالدور الأهم والأكبر في حفظ تراث العادات والتقاليد للشعب القطري ونقله من جيل إلى جيل، كما أن هذه المجالس وخاصة الرمضانية ساهمت بشكل كبير في نقل الموروث الأخلاقي للآباء والأجداد إلى الأبناء من إكرام الضيف والترحيب بزوار المجالس. ولفت إلى حرصه على إصطحاب أبنائه للمجالس التي تكون بمنزله أو منازل أبناء العمومة، وذلك بهدف غرس الأخلاق والقيم العربية للشعب القطري داخل نفوس النشء من الجيل الجديد، بالإضافة للتطبع على حب الكرم والترحيب بالضيف وحسن الأخلاق التي يتميز بها أهل قطر، كذلك التمسك والحرص على اللحمة الوطنية والأخوة التي تربط العائلات والقبائل القطرية بعضها البعض.

وعن المجالس خلال شهر رمضان المبارك، أوضح علي الحنزاب أن المجالس تنشط خلال الشهر الفضيل وذلك بسبب الزيارات المتبادلة بين الأهل والجيران والأقارب، حيث تزدحم المجالس بالنقاشات المتميزة والتي تساهم بشكل كبير في توعية الأطفال وتنمية مهاراتهم الفكرية، بالإضافة لتنمية الجوانب الدينية والروحية لدى الصغار، وذلك بفضل قراءة القرءان والسمر وتناول وجبة السحور الرمضانية المعروفة بـ«الغبقة».

من جانبه أكد السيد حمد الخليفي على أن أهم ما يميز المجتمع القطري في شهر رمضان هو زيادة الترابط والتكافل الاجتماعي، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة وحضور المجالس الرمضانية التي تقام بجميع منازل العائلات الطقرية، مشيراً إلى أن المجالس الرمضانية تعد تجربة اجتماعية فريدة وتحظى بشعبية كبيرة في دولة قطر، حيث إن مشاركة جميع أفراد الأسرة ومن مختلف الأعمار، يجعلها فرصة للتعارف والتواصل بين الأجيال وتعزيز الروابط الاجتماعية في المجتمع.

وشدد على أهمية حضور الأبناء من صغار السن لهذه المجلس، والتي تعتبر فرصة لاكتشاف العادات والتقاليد العربية الأصيلة للشعب القطري، كذلك الاستفادة من خبرات الكبار من الآباء الذين يحرصون على الحضور لتلك المجالس، وهو ما يساهم في نقل خبرات كبار السن إلى الأجيال الصغيرة، وتعلمهم الأخلاق الطيبة للشعب القطري والتي تشمل الكرم والضيافة والحلم وتقدير الآخرين، بالإضافة أنها تعتبر فرصة ثمينة للاستفادة من الأجواء الروحانية خلال الشهر الفضيل، وذلك بقراءة القرآن وتعلم السنة النبوية وسيرة الصحابة.

وذكر حمد الخليفي أن مجالس بيوت الأهالي هي مؤسسة عريقة حافظت على الموروث الثقافي والأخلاقي للشعب القطري، والتي تشمل العادات والتقاليد من ترحيب راعي المجلس بالضيف وإكرامه، كذلك تساهم في تعلم الأطفال لعبارات الترحيب المتوارثه عند اسقبال الضيوف، مشيراً إلى ظهور مراكز تقوم بعمل دورات ومحاضرات للمحافظة على هذه التقاليد التراثية، وقال إنه أمر جيد أن يكون هناك مراكز للحفاظ على هذه العادات، ولكن يبقى المجلس هو المعلم الأول لتقاليدنا القطرية والحافظ الأهم لتراثنا العربي العريق.

ومن الجانب التربوي، فقد أكد الخبير التربوي والتعليمي السيد خليفة المناعي على أن المجالس هي المعلم الأول للأخلاق الحميدة للنشء من أبنائنا، كما أنها المدرسة العتيقة التي حملت على عاتقها حفظ وصون التراث الروحي للشعب القطري من عادات وتقاليد عبر سنوات طويلة ومديدة هي عمر الشعب القطري، مشيراً إلى أن مدارس الدولة تعلم الأبناء العلوم الحديثة سواء علوم علمية أو أدبية، ولكن يظل المنزل والمجلس هو المعلم الأول للأخلاق، وهو القائم على بناء شخصية الإنسان والذي يمد الرجال بسمات الشعب القطري والتي تتمثل في الكرم وحسن الضيافة وكرم الأخلاق واحترام الكبير والرفق بالصغير.

وأوضح الخبير التربوي أن المجالس بما تضمه من حضور لكبار السن ورؤوس العائلات تمثل مدرسة الحياة ذات الخبرات الطويلة والتنوع الثقافي الكبير، والتي تقوم بنقل خبرات ومهارات الجيل القديم إلى الأبناء والأحفاد بطريقة القصص، وهو أحسن وأقدم طرق التدريس العظيمة، والتي من خلالها تقدم الخبرات والمواعظ بنظام القصص والمواقف التي تعرض لها الجيل القديم، خاصة وأن هذا الجيل يحسن الحكي ولديه غزارة في القصص الكثيرة عبر سنوات طويلة.

وذكر في هذا الجانب أن الرعيل الأول يقوم من خلال المجالس القطرية والرمضانية، بغرس العادات والتقاليد المورثة للشعب القطري داخل نفوس الجيل الجديد بمهارة عالية، وذلك لما يحظى به هؤلاء من احترام ومحبة لدى الأبناء والاحفاد، بالإضافة لإكتساب الأطفال والشباب لحكمة هذا الجيل القديم وحنكته في حل المشكلات والتعامل مع المواقف الصعبة، مطالباً جميع الآباء بضرورة أن يكون هناك إهتمام بحضور أبنائهم لمجالس العائلة، وذلك للمحافظة على الشخصية القطرية، وما تحمله من السمات الأصيلة للشخصية العربية وصفات الإنسان المسلم الصحيح.

من جانبه قال الخبير التربوي خميس المهندي مدير مدرسة أم القرى الابتدائية للبنين: إن المجالس الرمضانية بمنازل الأهل قديماً كانت هي المدرسة الأولى التي تعلمنا من خلالها العادات والتقاليد العريقة للشعب القطري، كما اكتسبنا الأخلاق الطيبة وكرم الضيافة وحسن استقبال الزائرين من خلال حضور هذه المجالس مع آبائنا، والتي كانت فضاء لالتقاء الأهل والأصدقاء والمعارف، خاصة خلال الشهر الفضيل بعد صلاة التراويح حيث كانت تجمعنا الغبقة العائلية.

وطالب السيد خميس المهندي الآباء باصطحاب أبنائهم الصغار وحديثي السن لحضور المجالس الرمضانية، وذلك لنقل عادات وتقاليد الشعب القطري إلى الأجيال الجديدة، محذراً من ترك الأبناء كفريسة للتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل، والتي تغيب العقول وتزرع داخل الأطفال سلوكا غريبا عن المجتمع القطري، مشيراً إلى أن المجالس تلعب دوراً مهماً في تعرف الأبناء على الموروث الأخلاقي للشعب القطري، وبما يسهم في تعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي للجيل الجديد.

copy short url   نسخ
29/03/2024
10