وقعت غزوة بدر يوم الجمعة 17 رمضان سنة 2 هـ وكان عدد جيش المسلمين: 313. وقِيل: 314 مقاتلاً. وعدد جيش المشركين: 950 مقاتلاً، ووقعت في بدر التي تبعد عن المدينة النبوية حوالي 100 كم إلى الجنوب الغربي.
نزل الرسول صلى الله عليه وسلم بأدنى ماء من بدر، فقال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله: «أهذا منزل أنزلك الله إياه ليس لنا أن نتقدمه أو نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، قال الحباب: يا رسول الله فإن هذا ليس لك بمنزل، انهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء سواه من القوم فننزله، ثم نغور ما وراءه من القلب، ثم نبني عليه حوضاً ونملؤه ماء فنشرب ولا يشربون ثم نقاتلهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.
وبدأت الحرب حين خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي فقال: لأشربن من حوضهم ولأهدمنه أو لأموتنّ دونه، فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فضربه فأطن قدمه بنصف ساقه، فوقع على الأرض، ثم حبا إلى الحوض فاقتحم فيه، وتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض، ثم خرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، ودعوا للمبارزة، فخرج لهم ثلاثة من الأنصار، وانتسبوا لهم، قالوا: ليخرج إلينا أكفاؤنا من قومنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة قم يا عبيدة بن الحارث، ثم يا علي، ودنا بعضهم من بعض، فقتل حمزة شيبة وقتل علي الوليد، أما عبيدة بن الحارث وعتبة فأصاب كل منهما صاحبه، وكر حمزة وعلي على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة جريحا إلى عسكر المسلمين، ثم توفي رحمه الله.
وزحف جيش قريش ودنا من جيش المسلمين، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بألا يحملوا على عدوهم حتى يأذن لهم بذلك، وقال: «إن اكتنفكم القوم فانصحوهم عنكم بالنبل»، ونزل عليه الصلاة والسلام بالعريش ومعه أبو بكر الصديق يحرسه وأخذ يدعو الله ويتوسل إليه، ثم أغفى قليلا وانتبه ثم قال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبرائيل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النفع»، ثم خرج صلى الله عليه وسلم يحرص المسلمين على القتال وهو يقول: «سيهزم الجمع ويولون الدبر» وقال: «والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة». واشتد القتال، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من تراب ورمى بها قريشا وقال: «شاهت الوجوه» وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «شدوا عليهم» فكانت الهزيمة، فقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون، وكان عدد شهداء المسلمين أربعة عشر رجلاً.
ونصر الله عز وجل نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في أول معركة مسلحة بين التوحيد والكفر، بين الحق والباطل، وأعز الله جنده وهزم قريشا وقتل عدد من طواغيتها وعلى رأسهم قائدهم أبو جهل، وأمية بن خلف، ونزلت سورة الأنفال تبين حال المسلمين وقلتهم، ونصر الله تعالى لهذه القلة وتأييدهم بالملائكة.
فقال الله تعالى: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال:7 ـ 10].