في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المُبارك لعام 58هـ توفيت السيدة عائشة أم المؤمنين «رضى الله عنها» زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى بسبعة وأربعين عاماً، ودُفنت في البقيع، وكان عمرها آنذاك سبعة وستين عاماً. كانت من أحب نساء الرسول إليه، وتحكي رضى الله عنها عن ذلك فتقول «فضلت على نساء الرسول بعشر ولا فخر: كنت أحب نسائه إليه، وكان أبي أحب رجاله إليه، وتزوجني لسبع، وبنى بي لتسع (أي دخل بي)، ونزل عذري من السماء (المقصود حادثة الإفك)، واستأذن النبي نساءه في مرضه قائلاً: إني لا أقوى على التردد عليكن، فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة، قد أذنا لك، وكان آخر زاده في الدنيا ريقي، فقد استاك بسواكي، وقبض بين حجري ونحري، ودفن في بيتي».
لقد جمعت رضى الله عنها بين جوانب العلوم الإسلامية، فهي السيدة المفسرة العالمة المحدثة الفقيهة، وهي التي قال عنها رسول الله إن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فكأنها فضلت على النساء.
قال فيها عروة بن الزبير: «ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة»، وقال فيها أبو عمر بن عبد البر: «إن عائشة كانت وحيدة بعصرها في ثلاثة علوم: علم الفقه وعلم الطب وعلم الشعر».
وهكذا فإننا نلمس عظيم الأثر للسيدة التي اعتبرت نبراساً منيراً يضيء على أهل العلم وطلابه، للسيدة التي كانت أقرب الناس لمعلم الأمة وأحبهم، والتي أخذت منه الكثير وأفادت به المجتمع الإسلامي.