+ A
A -
الدوحة الوطن

بحضور سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، شهد موسم الندوات مساء أمس في فندق الشيراتون ندوة بعنوان «مفهوم التعايش في الحضارة الإسلامية وأثره في بناء الأمة واستقرارها»، تحدث فيها الداعية والمفكر الجزائري الدكتور مبروك زيد الخير، عضو المجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر وأستاذ اللغويات والبلاغة القرآنية، وأدارها الداعية د. يوسف عاشير، وسط حضور جماهيري كبير.

واستهل د. مبروك زيد الخير حديثه موجها الشكر لسعادة وزير الثقافة على دعوته للمشاركة في موسم الندوات، قائلا إن دولة قطر دأبت على استضافة المفكرين والمثقفين، وتكريم العلم والعلماء، وهو ديدن توارثه الأبناء عن الآباء والأجداد.

وأكد فضيلة الدكتور مبروك زيد الخير على أهمية موسم الندوات كونه فكرة رائدة تسهم في تحقيق ما ترنو إليه قطر والأمتان العربية والإسلامية من بث للمعرفة وتلاقح الأفكار، عبر جمعها لعدد من العلماء والمفكرين والمثقفين من أجل تقديم أطروحات تصحح المفاهيم وتبني فكر نيّر محقق للمراد في كل أوان وزمان.

وأكد د. زيد الخير، في معرض مداخلته، على أن مفهوم التعايش موجود منذ القدم، لافتا النظر إلى أن القرآن الكريم ذكر مفهوم العيش والتعايش في العديد من السياقات القرآنية، مشيراً إلى العلماء عرّفوا التعايش على أنه تعارف وتفاهم بين طرفين بما يسهم في أداء الحقوق والواجبات. ولفت النظر إلى أن العبادة والاستخلاف وعمران الأرض بحاجة إلى عنصر فاعل وهو الإنسان، الأمر الذي يتحقق على إثره التعايش، والذي يعد تكريما لهذ الإنسان. كما أشار إلى صور التعايش المختلفة بين بني البشر، ومنه تعايش الإنسان مع أمته، وكذلك تعايشه مع غيره ممن يخالفونه في المعتقد، «وهذا التعايش يقوم على أسس تستوجب حقوقا، مثل حقوق الجار، وغير ذلك من الحقوق».ونبه إلى أهمية التعاون بين المتعايشين في إطار من الشراكة والمبادلة، مع أهمية توفر مظاهر الإحسان فيما بينهم، علاوة على ضرورة التعايش بإيجابية بما يحقق النفع العام، بعيدا عن السلبية.

وقال إن الدين الإسلامي هو الخاتم لجميع الأديان وبالتالي يمكن اعتباره بمثابة الشمس المشرقة التي أشرقت حول كواكب منيرة في الكون وهي الديانات التي سبقته وهو دين الكمال والختام، وأن بعث النبي عليه الصلاة والسلام بالرسالة قد سبقه علامات كثيرة وقد بشرت به الكتب السماوية.

وتحدث د. زيد الخير عن مسألة هامة وهي أن الله سبحانه وتعالى أعطى للأمم السابقة كتبا سماوية للفترة التي عاشت فيها تلك الأمم، بيد أن القرآن الكريم يحمل عناصر البقاء إلى يوم القيامة، وليس من بعده كتب سماوية، بما فيه من معجزات وبلاغة وأحكام وما يجعل الإنسان يقف أمامه مندهشا، مضيفاً أن الله سبحانه وتعالى اعطانا في هذا الدين ما يحقق لنا عزة النفس وعلو الهمة وارتفاع القامة.

وتطرق د. زيد الخير إلى نماذج من التعايش في التاريخ الإسلامي، مؤكداً أن هذا التعايش انطلق من البيئة التي نبع منها الإسلام المتسامح، والتي تحولت بعد البعثة النبوية إلى خصوصية إسلامية خالصة، بعدما كانت الفوضى تعم المجتمع.

وحول طرق التعايش مع الآخر، قال د. زيد الخير إن الإسلام متين وصالح لكل زمان ومكان، فقد خلق الله البشر مختلفين، والاختلاف أمر طبيعي وموجود في فطرة الإنسان، والتعايش يضمن القدرة على تقبل الاختلاف، وهذه الصفة من سمات المؤمنين.

copy short url   نسخ
08/03/2024
75