+ A
A -

لعلها من أهمّ دروس المحرقة الكبرى في غزة، بعد أن فشل المجتمع الدولي بكل مؤسساته وهيئاته في إيقاف الجرائم التي مضت على انطلاقتها قرابة خمسة أشهر، فلا مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة ولا محكمة العدل الدولية نجحت في فرض وقف دائم لإطلاق النار رغم كل مشاهد الموت والدمار ورغم تجاوز عدد الشهداء والمفقودين عشرات الآلاف من المدنيين ورغم قصف المدارس والمستشفيات.

القرار الدولي الذي رأيناه سابقا في حرب العراق وغزو أفغانستان وغيرها من الملفات الحارقة كان سباقا إلى تشجيع الغزو وتبريره رغم كل الأدلة والبراهين على عدم شرعية الغزو، القرار الدولي كان دائما ضد مصالح الشعوب متضامنا مع مصالح القوى العظمى ومشاريعها التوسعية.

رفعت أميركا حق النقض مرات عديدة في وجه إدانة الجرائم الصهيونية، وهو ما جعل القرار الدولي رهينة المصالح الامبريالية ضاربا بعرض الحائط كل المواثيق والأعراف والقوانين الضامنة لحق الشعوب والحامية لها من بطش الدول الأقوى.

لكن أبرز ما يميز هذه القرارات أنها خاضعة بشكل مريب للكيان المحتل وجماعات الضغط التابعة له وهو ما يعزز كل النظريات التي تقر بأن الصهيونية العالمية هي من تتحكم في القرار الدولي. كيف لدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا أن تكون خاضعة بهذا الشكل لهذه الجماعات مضحية بصورتها وسمعتها ومصالحها ومستقبلها مع الدول العربية والإسلامية ؟

الجواب صادم في الحقيقة، فالكيان المحتل ليس إلا ثكنة عسكرية متقدمة صنعتها الدول الغربية نفسها لحماية مصالحها في الشرق الأوسط.. إن الدعم اللامحدود واللامشروط الذي يحصل عليه الكيان المحتل وجيشه من مال وسلاح ومعدات، إنما هو في الحقيقة دعم للمشروع الغربي الذي يتماهى مع المشروع الصهيوني في المشرق العربي.

القرار الدولي ليس في نهاية المطاف خادما للمشروع الصهيوني فحسب، بل هو في الأساس خادم للمشروع الغربي نفسه الذي يرى في العالم العربي بما هو قلب العالم الإسلامي خطرا مستقبليا على وجوده وعلى مصالحه وعلى هيمنته في العالم.

بناء على ما تقدم فإن التعويل على المؤسسات الدولية فيما يخص القضايا العربية ليس سوى مضيعة للجهد والوقت لأن الصراع في الأروقة الدولية محسوم لصالح المحتل.

إن العمل على بناء قرار عربي مشترك لم يعد اليوم ترفا ولا خيارا، بل هو قضية وجودية لكل الدول العربية إن هي أرادت أن تتفادى مصير غزة وسوريا والعراق[email protected] -

copy short url   نسخ
22/02/2024
75