+ A
A -
أصبح من المهم جدا، أن نبدأ في إحصاء الأحياء لا عدَ الأموات، نمط الموت أصبح هو السائد، نشاط «عزرائيل» المكثف بين الموت بالقصف الجوي في أرجاء عالمنا العربي المهشم، أو الموت في حلقات المرور الجهنمية، في بلدان فشل فيها التخطيط أن يكون عملاً تنموياً مستقبلياً أو الموت الطبيعي الذي جعلت منه وسائل الاتصال الجماهيري خبرا ملازما كل صباح لكوب الشاي. في اعتقادي أن الأصل هو الموت والاستثناء هي الحياة، سرمدية الموت يقابلها سراب الحياة، من ينجو من الموت، لا ينجو من انتظاره، فالنجاة هنا اسم مجازي لا يخرجك من طابور الانتظار والمنتظرين. وحين نعزي الآخرين، نحن نستعد لتعزية أنفسنا أو في التعزية في أنفسنا في الحقيقة، تبقى الحياة كفلسفة هي التي عليها التعويل، كيف تحيا؟ ولأجل ماذا ومن تحيا؟، فلسفة الحياة هي القادرة على التفلت من قبضة عزرائيل، لا يستطيع عزرائيل القبض على فلسفتك في الحياه حتى وإن قبض روحك، طالما أن بعد هذه الفلسفة بعد إنساني، الخلود دائما للحياة كفلسفة وليس للحياة كأفراد، هؤلاء الخالدون، هم من ترك وراءه فلسفة لا تموت، اذا عشنا الحياة فلسفة يصبح عزرائيل صديقا لا يخيف، لكن إن عشنا الحياة صراعا ضد إنسانيتنا الكبرى بتقمص طمع أنفسنا الصغيرة المحدودة سيتراءى لنا شبح عزرائيل قبل حينه، وسنموت قبل مجيئه، فهناك من هو ميت ولم يزره عزرائيل بعد، الدين وجد لكي يحيا الناس به، والدنيا خلقت لكي يتعايش الناس فيها، والفلسفة سواء قامت على الدين أو على غيره طالما ترى أن البعد الانساني هو المحدد لقيمة الانسان ودوره ومكانه في الوجود، عزرائيل لا يخيف الانسانية، إنه فقط يخيف من يظن أنه يمثلها دون غيره من البشر.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
29/08/2018
66026