+ A
A -
تَتَناثر على الصغار ورودُ المحبة ويَتساءلون: لماذا لا تُحَدِّثُنا مُعَلِّمَتُنا الجميلة عن أطفالها؟! لا شكّ في أنهم سَيَأْخُذُون منها الرِّقَّةَ والذَّوْقَ والحكمةَ والْجَمالَ والكثير الكثير مِن الحُبّ..
تلميذ جَسور جَرَّبَ أن يَبحث عن السِّرّ الذي لم تَتَرَدَّدْ في الإجابة عنه وقد سَبَقَتْهُ ابتسامة خَبَّأَت المرارةَ خلف باب الشفاه..
حَدَثَ مرة أن كان هناك بيت كُلُّ أطفاله بنات، ومجددا تَحمل الزوجة بجنين، وتُماطِل في إخبار الزوج الذي يَئِسَ مِن الحلم بأطفال ذكور، لَمْلَمَت الزوجةُ شجاعتَها وأَطْلَعَتْه على الحقيقة، لكنَّ الزوجَ تَمَلَّكَهُ الخوفُ مِنْ أنْ يَكون حملُها الخامس يُنْذِرُ بإنجاب أنثى، لذلك اتخَذَ قرارا صارما يَعِدُ بالتخلص مِن المولود إن كان أنثى..
ظَلَّت الزوجةُ المسكينة تَتَجَرَّعُ كأسَ الخوف خَشْيَةَ أن يُنَفِّذَ الزوجُ الغاضب تَهديدَه إن لم يَكُن الطفل القادم ذَكَراً يُعيدُ إلى عَيْنَيْ أبيه بريقَ الرغبة في الاحتفاظ به والزهو باحتضانه بكل الحُبّ الكائن والممكن..
الزوجةُ لسوء حظها أَنْجَبَتْ طفلةً لِتَبْدَأَ الحياةُ مِن يومها في كتابة قصيدةِ دموع تَمْحُو الإحساسَ بحلاوةِ سُكَّرٍ سرعان ما ذَوَّبَه في فنجان الأيام قرارُ الأبِ القاسي..
لَفَّ الأبُ مَولودتَه وخرج بعد صلاة العشاء إلى أن بلغَ المسجدَ الذي سَيَتْرُكُ ابنتَه عند بابه، وعاد إلى بيته. لكن هل طاوعه قلبُه وتَلَذَّذَ بنومه؟! طبعا لا، فالزوج خرج قبل الفجر يُهَرْوِلُ إلى المسجد لِيَطْمَئِنَّ بأن هناك مَنْ لاذَ بها إلى الداخل.. المفاجأةُ هي أن الرجُلَ وجدَ ابنتَه في مكانها تنتظره، حمَلَها مذعورا وعاد بها إلى بيته، وكَرَّرَ الأمر على مدى أسبوع، يَلفظها وهي تَأبى الفرار من اختيار القَدَر الذي لم يَجْدْ قُبَالَتَه الأبُ إلا أن يَستجيبَ له ويَتَقَبَّلَ المولودةَ بعد أن ظَلَّتْ أُمُّها تُنْفِقُ من جيوب عينيها الغالي مِن الدموع وتَتَقَرَّب إلى ربها بالصلوات رغبةً في أن يَحفظَ قطعةً مِن قلبها..
تَقول المعلمةُ إنها تتفرغ لرعاية أبيها المسن، لذلك لم تَتزوَّجْ. إنها هي تلك الطفلة المرفوضة، رُزِقَ والدُها بالذكور بعد ولادتها، لكنْ كُلَّما فَرِحَ بِذَكَرٍ كانَتْ تَموتُ واحدة مِن الإناث اللواتي لم يَبْقَ منهن سِواها..
هذا موقف آخَر يَحكي حكايةَ قلبٍ موجوع خانَتْه الرغبة في عسل الحياة، والحياة دائما تُصَيِّرُنا أبطالا عل أرض الواقع.
صَدِّقْ يا صديقي أنَّ ما مِن شيء يَختاره الله إلا وفيه منفعتكَ، وما مِن شيء يُقَدِّرُه لكَ إلا وفيه نجاتُكَ، سُبحانه القائل: «عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ».
في كل بَيْت يَعْلُو صوت رافِضٌ، لماذا؟!!! تَقَبَّلْ حياتَكَ كما هي، واقْنَعْ بما رَزقكَ الله، وارْضَ بما كَتبه لك، ما لا نَعْرِفُه يَعْرِفُه جَلَّ جَلاله، وما لا تُدْرِكُهُ الأبصارُ يُدْرِكُه.. أَسْعَدُ الناسِ أَقَلُّهُم حَظّاً مِن الدنيا، لكنَّ ما تَرَبَّوْا عليه مِن أخلاق الرِّضى والقناعة كافٍ لِيَجْعَلَ قلُوبَهم تُصَفِّقُ سَعادةً.
نافِذَةُ الرُّوح:
«لا تَسْتَخِفّ بِعاجز، فقد تَرى مِنه ما يُعْجِزُ قويا».
»اُرْقُصْ كالفراشة، وحَلِّقْ كالعصفور، واغْتَنِم الفُرَصَ قبل أن يُقَصْقِصَ الزمنُ أَجْنِحَتَكَ».
«لا أحد يَسرق منكَ حذاءَ الحظّ.. اِصْنَعْهُ بِنَفْسِكَ بَدَلا مِن أن تُؤمِنَ به في مُخَيِّلَتِكَ».
«شيءٌ مِنْ مجاملَتِكَ للآخَرين يُحْيِيهِم، بينما الكثير منها يَقْتُلُكَ ما أن يَنْفَجِرُوا في وجهِكَ».
«كُوني كالوَردة، عِطْرُكِ يُغْنِي عَن أحمر الخُدود».
«قال القمرُ للشرفة الْمُضيئة: هَلاَّ استضَفْتِني في جلسةِ شاي؟! قالَتْ: أَوَّاه.. يَتَوارى الشايُ مُسْتَحِيا مِنْ رائحةِ فناجين قهوتكِ النَّفَّاذة!».
«كُلَّما فَتَحْتُ نافذتي في وَجْهِ قَدَري زَادَتْنِي قَسْوَتُه قُوةَ تَحمُّل».
بقلم : سعاد درير
copy short url   نسخ
12/07/2018
2601