+ A
A -

في سابقة تاريخية، ومن جوانب لا بد من الوقوف عندها، أولا: ما حدث بعد السابع من أكتوبر الماضي من هجوم إسرائيلي وحشي، وثانيا: أن تتقدم دولة جنوب إفريقيا بدعوى على الكيان الصهيوني بارتكابه جرائم إبادة جماعية لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي باشرت يوم الخميس الماضي أولى جلساتها بشأن هذه الدعوى وهي قضية من شأنها أن تغير مسار الأمور بعد أن سقطت الأقنعة في غزة !

فهذه الدعوى تأتي في إطار تفعيل كل القنوات القانونية والسياسية والدبلوماسية لفضح الكيان الصهيوني الذي انتهك كل الاتفاقيات والقوانين، وينفذ إبادة جماعية ويحاصر غزة ويمنع الدخول إليها مشددين في الدعوى أن ما فعلته حركة حماس مهما كانت خطورته، لا يمكن أن يبرر الارتكابات الصهيونية.

لذا فإن الدعوى الجنوب افريقية تعد الأولى ضد هذا الكيان المحتل، ونحن أمام قضية مكتملة الأركان والحقائق، حتى وإن لم تطبق قراراتها لأنها غير ملزمة ولكن البعض يلتزم، والبعض يحيلها لمجلس الأمن لتطبيقها، والذهاب لمجلس الأمن سيواجهه الفيتو الأميركي.!

تابعت المحاكمة عبر التلفاز، من خلال التقرير والدعوى المقدمة للمحكمة الدولية والمكونة من 84 صفحة قدمها 9 حقوقيين يشكلون صفوة المحامين، مؤكدين أن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاقية «منع الإبادة الجماعية»، وارتكبت أعمالاً تندرج ضمن تعريف الإبادة الجماعية، وغيرها مع الأدلة والبراهين والصور والتصريحات اليهودية التي لا تعطي القضاة أي مبرر لرفض القضية أو إصدار حكم عادل لها.

وفي اليوم الثاني قدمت إسرائيل دفوعاتها عن القضية الكاذبة والغريبة، وبأن المحكمة ليس لديها اختصاص بالنظر في مثل هذه القضايا، وفشل محامي إسرائيل في معارضة ومحاججة طلب جنوب إفريقيا إزاء كل الدلائل المقدمة.

فالدفاع عن النفس ليس مبررا لارتكاب جرائم إبادة جماعية، وكل الحجج الاسرائيلية للدفاع عن نفسها والأكاذيب تم فضحها وتفنيدها بالبراهين والأدلة الدامغة وتصريحات القادة الاسرائيليين هي أدلة واضحة للعيان.!

لذا فالرد الصهيوني على الاتهامات في محكمة العدل الدولية، مجرد افتراءات غريبة وعجيبة من متهم ومحتل فاشل، ومن المتوقع أن يصدر حكم في وقت لاحق من هذا الشهر بشأن الإجراءات العاجلة لملف هذه القضية، وقرارات المحكمة نهائية وغير قابلة للاستئناف.

المتابع لأروقة محكمة العدل الدولية يصاب بالصدمة أمام هول الانتهاكات الإجرامية التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة وغيرها، فتحية تقدير وشكر لأبناء مانديلا على موقفهم الشريف من أحداث غزة، ولكل الدول الداعمة للقضية، رغم أننا كنا نتوقع أن ترفع الدعوى دولة عربية أو مسلمة من باب أضعف الإيمان. والله من وراء القصد.

د. أحمد بن سالم باتميرا - كاتب ومحلل عماني

copy short url   نسخ
17/01/2024
85