أوضح فضيلة الداعية د. محمد حسن المريخي خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب أن من أجل النعم وجود الأسرة المتماسكة، والعائلة المترابطة، ظلال تستظلون فيها برا وإحسانا وتقديرا واحتراما، وشكرا للديان، وثمرات يانعات طيبات.

وأضاف: هذا حديث عن الأسرة في ظل الإسلام، فالأسرة في الإسلام لوحة مضيئة، ومرآة عاكسة لسمو تعاليم القرآن، وهي شاهد ملموس على علو شأن الإسلام، تعجز الأنظمة البشرية مهما بلغت أن تبلغ مبلغه، ولقد أفلست أديان البشر القديمة والحديثة والحضارات المعاصرة أن تصل مستواه، والواقع يشهد بتفكك الأسر وضياع المجتمعات في مشارق الأرض ومغاربها حين يغيب عنها نور الإسلام، أو تضل عن توجيهات القرآن، فالأسرة أساس المجتمع المسلم، وهي اللبنة الأولى في بناء الأمة وكيانها، والنواة الكبرى في تشييد الحضارات، بنجاحها تقاس سعادة المجتمع، وبفشلها وسيرها في مزالق الضياع، ومهاوي الردى، يقاس إخفاق المجتمع، وتقهقر الأمة، ومن فضل الله تعالى ومنته على عبده المؤمن الموحد أن يكون في ظل أبويه وإخوانه وأخواته وزوجه تجمعهم الأسرة، تظللهم بظلالها، وتحنو عليهم بحنانها، يتعاونون على البر والتقوى، والصلة والطاعة، ويتناهون عن الإثم والعدوان.

وأضاف الخطيب: لقد حرص الإسلام -عباد الله- على كيان الأسرة وتأسيسها على أسس متينة قوية، فأول من تشرفت بهم الأسر، الأنبياء والرسل، الذين كانت لهم أزواج وذرية، «ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية»، وهي من آيات الله تعالى، وعجائب خلقه، «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون».

وذكر د. محمد المريخي أن لمقام الأسرة الرفيع ومكانتها، وحاجتها للبناء الإنساني والأخلاقي، نالت الأسرة من وافر النظم والتشريعات التي أسست وبينت، وحددت الحقوق والواجبات والاختصاصات، وأحاطها الإسلام بتشريعات تضمن بقاءها وعطاءها ودورها في بناء المجتمعات وحمايتها من الموبقات والمفسدات والهادمات. لقد حرص الإسلام على الأسرة. قبل استوائها، فطالب بانتقاء أركانها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» وقال «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وبين الإسلام أن رباطها رباط عظيم، وعقدها قوي جليل، «وأخذن منكم ميثاقا غليظا»، وشدد وغلظ في شأن المحافظة عليها، فلم يأذن بالتصدع فيها، ولا للخلاف، فأرسل الحكمين، وشجع الصلح، ولم يأذن بالفراق والطلاق إلا إذا تعذرت الحياة، وتعذر العيش بين الزوجين، فجعل الطلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى، وأكد على الحقوق والواجبات والبر والإحسان والتسامح والتحمل، والتحلي بالأخلاق والسماحة، وصان الإسلام الأسرة، فنهى عن الدخول على النساء، قال صلى الله عليه وسلم «إياكم والدخول على النساء قالوا أرأيت الحمو -وهو قريب الزوج- قال الحمو الموت»، وأمر بالستر والتستر عن الأجنبي الذي لا يحل للمرأة، وأمرها بحفظ نفسها، ألا تبدي زينتها لمن لا يحل لها، «ولا يبدين زينتهن».