+ A
A -
تترافق الذكرى السبعون لنكبة فلسطين مع الفعاليات المستمرة لمسيرات العودة بالرغم من كل الصعاب التي تُحيط بالحال الفلسطينية، وأحوال قطاع غزة على وجه الخصوص، وقد جاءت لتثبت أن جيل ما بعد «التسوية» المأزومة لم ولن يُصبح جيلاً مُتقبلاً لأوضاع ما بعد «التسوية» المنهارة أصلاً. فهو جيل فلسطيني يُبدع وسائل نضاله، وفي تنويع أساليب وأنماط انتفاضته الشعبية، كما هو الجيل المؤهل والمنوط به في استكمال المسيرة الكفاحية الفلسطينية، مُعطياً للقضية الوطنية الفلسطينية الاستمرارية التاريخية التي تضمن في نهاية المطاف الحل العادل والناجز للقضية الوطنية الفلسطينية على كامل أرض فلسطين التاريخية.
إن الجيل الفلسطيني الجديد المُنتفض، الجيل الذي يستكمل المشوار الوطني والمسيرة، جيل الشباب الواعد، جيل مابعد عملية التسوية المنهارة، يَرسِم معالم المشروع الفلسطيني القادم، ويدفعنا نحو التفاؤل، ونحو التقاط واكتساب جرعات الأمل في ظل الظلام الدامس الذي يَلِفُ المنطقة العربية. الجيل الذي يَحمِل المخزون التلقائي الوطني والثقافي والوجداني في الوعي، والذي يُشكّل في نهوضه وتمرده نموذج القطيعة بين الشعب وقيادات العديد من الفصائل والقوى المأزومة والتي شاخت دون أن تُجدد حالها، ودون أن تُجدد برامجها ورؤيتها، ولم تتعلم من تجاربها. الجيل الذي يُعيد تشكيل الفكرة والحقيقة الفلسطينية الجامعة، ويشحنها بطاقة الاندفاع.
إنه جيل معركة النفس الطويل، المبنية على النظر إلى بعيد، وربما إلى مدى تاريخي. إنه الجيل الذي يُشكّل المكوّن الأساس للحراك الهائل الجاري في فلسطين من دون بعض الفصائل المتقوقعة على ذاتها، أو ذات الأيديولوجيا الجافة والمغلقة، ودون عصبيات تنظيمية أو تزمت مَقيت. إن كل ذلك يُشير للدور المهم الذي يُمكن للشباب الفلسطيني ولأجياله الصاعدة أن يؤديه في إعادة صوغ البرنامج والمشروع الوطني الفلسطيني ورسم طريقه على الأرض للخلاص من الاحتلال وتحقيق الوعد الفلسطيني، وعد العودة والحرية والاستقلال.
الحراكات الشبابية اليومية والمستمرة على أرض فلسطين، ومنها مسيرات العودة، أكَّدَت أن قضية فلسطين لم تَعُد تحتمل حالة التراجع أو المراوحة بالمكان في أفضل الحالات، ولم تَعُد تحتمل جدالات عقيمة بين عموم القوى والفصائل بشأن طي ملف الانقسام، وتجديد الحياة السياسية والتنظيمية والكفاحية، ولم تَعُد تحتمل ترفاً في السجالات العبثية بين الأطراف الفلسطينية المختلفة، أو في استحضار الماضي المليء بالتساؤلات.
وبالطبع، إنَّ تطوير العملية الوطنية الفلسطينية، وممارسة كل أشكال المقاومة، من العمل المسلح إلى المقاومة الشعبية، يصطدمان بعقبات كبيرة، على رأسها مسألة الإنقسام الفلسطيني الداخلي واستتباعاته، فضلاً عن استمرار الإتكاء ولو «اللفظي» على عملية «التسوية السياسية» المسدودة الأفق، والتي لم تتمكن الجهات الدولية، وبالذات الولايات المتحدة حتى الآن، وبالتعاون مع الحلفاء الإقليميين من إعادة إطلاق مرحلة جديدة منها، وذلك نتيجة مواقفها المُنحازة واللامتوازنة، رغم محاولاتها تأسيس حالة يستديم فيها الدعم الاقتصادي.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
16/05/2018
1988