+ A
A -
«1»
يبدو أن أيدي الأقدار وحدها ستُغيِّر مُعادلات الأوضاع في الدَّولة الليبية، وربما تعود بعقارب الساعة للخلف.. في الدُّول العربية، التاريخ يمضي بصورة دائرية، ونقطة النهاية قد تكون نقطة البداية، وبطل اليوم قد يصبح الخائن غداً، والذي يقذف بالورود اليوم قد يُرمى غداً بالحجارة.
ليس مُستبعداً أن يعود جمال مبارك في مصر إلى الواجهة السياسية مرَّة أُخرى، ولن يكون غريباً إذا أصبحت إحدى بنات صدام حسين مُرشَّحة في الانتخابات العراقية؛ طالما أن سيف الإسلام يستعدُّ للعودة للملاعب مرة أخرى بأوسع الأبواب عبر الانتخابات القادمة.
الانتخابات الديمقراطية التي كان يراها والده تزييفاً وتحريفاً لإرادة الشعوب؛ هي الآن البوابة الوحيدة لعودة الابن.
فاجأ سيف الإسلام الجميع، حين أعلن ترشيح نفسه من العاصمة التونسية، وفي ذلك مؤشرات عديدة ترسم أوضاع ليبيا في القادم القريب، إذا ارتفعت أسهم سيف الإسلام في البورصة الليبية، وأصبح كما يُشاع عنه، رهان قوىً دولية.
«2»
ليبيا التي جاءت بأغرب ثورة في التاريخ، عصفت بدكتاتور واحد، لتأتي بمجموعة من طغاة المُتمرِّدين وتُجَّار الحرب، وقد يكون خيارها القادم دكتاتورية سيف الإسلام، التي تأتي عبر صناديق الاقتراع، لا صناديق الذخيرة.
عاد سيف الإسلام إلى الأضواء بعد غيابه سبع سنوات، بعد القبض عليه في صحراء ليبيا، وإيداعه سجناً بمدينة الزنتان، فقد كان ظهوره محدوداً وفي نطاق ضيِّق، دون أن يُدلي بتصريحاتٍ إعلامية، تُحدِّدُ وتشرح موقفه من الأحداث والتطوُّرات الليبية.
«3»
الآن تتضارب الأنباء حول الوضع الصحي للجنرال المُتقاعد خليفة حفتر؛ فالأنباء الواردة من العاصمة الفرنسية نقلت عن أطباء يتولَّون علاجه، أن اللواء الليبي حفتر «يُعاني من تلفٍ في الدِّماغ، لا يمكن إصلاحه أو علاجه، حفتر ما زال في حالة غيبوبة تقريباً، ولن يكون طبيعيَّاً مرَّةً أُخرى أبداً».
كان خبير طبي قد صرَّح بأن «هناك عقاقير يُمكن تناولها للحدِّ من الورم في الدِّماغ، ما قد يُعيد لحفتر قوَّة الكلام مثلاً، لكنَّ هذه التأثيرات ستكون مؤقتة».
وفي الأثناء، تناقلت مصادر إعلامية أن اجتماعاتٍ بدأت منذ الجمعة في ليبيا وفي بعض العواصم الضالعة في الأزمة، لدراسة «خلافة حفتر» الذي يُعالَج في مستشفى عسكري في ضواحي العاصمة الفرنسية، باريس، منذ التاسع من أبريل الجاري.
قوى إقليمية ودوليَّة، تبحث عن حفتر جديد، بعد فقدان الأمل في شفاء حفتر القديم.
«3»
الذين راهنوا على حفتر بأن يصبح رئيساً مُتوَّجاً على ليبيا، ويَدين بالولاء لهم، لم يجنوا غير الحسرة والسراب والانتظار على بوابات أقسام العناية المُكثَّفة!
ربما أدرك حلفاء حفتر أن رهانهم على الجنرال كان خاسراً، ليُضاف إلى تركة طويلة من الفشل والإخفاق ارتبطت بتاريخه العسكري والسياسي.
أسهم في تأجيج الأوضاع في ليبيا، وجعلها مُنقسمة بين حكومة شرعية في طرابلس مُعترَف بها دولياً، ومجموعة انقلابية بقيادته في بنغازي.
حفتر الذي بدأ حياته العسكرية مُؤيِّداً للزعيم الراحل معمر القذافي واحدٌ قياداته في النزاع الحدودي مع تشاد في معركة «وادي الدوم» 1987 التي انتهت بخسارة ليبيا، وأسر الجنرال.
وخلال الحرب الليبية– التشادية، لم يعترف القذافي بوجود مئات الأسرى الليبيين لدى القوات التشادية، وحتى عندما تم إبلاغه بأن قائد الجيش الليبي العقيد خليفة حفتر ضمن الأسرى، رد القذافي على الصحفيين: «إذا كنتم تتحدَّثون عن راعي غنم في الصحراء اسمه حفيتير (تصغير لاسم حفتر)، فهذا أعرفه، أنا لا أعرف أحداً بهذا الاسم».
أخيرا
ليبيا ما بعد غياب حفتر وإحماء سيف الإسلام للدُّخول إلى الملعب، تستعدُّ لفتح صفحة جديدة من الصراع، بأذرعٍ محليَّة ومُحرِّكات إقليمية ودولية، أدمنت لعبة الخيارات الخاسرة.

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
22/04/2018
2312