+ A
A -
من الصور التي لا تغيب تفاصيلها عن ذاكرتي ذكريات المدرسة، من الأنشطة التي كنت أحرص على التسجيل فيها منذ بداية العام الدراسي النشاط الفني الرسم، ونشاط المكتبة، المكتبة لها مكانتها وحضورها وهيبتها التي تجعل من يكون فيها صامتا هادئا مفكرا وهو يتصفح الكتب باحثا أو قارئا ومطلعا، كنت احرص على استعارة عدد من الكتب والروايات طوال العام.. لأكافأ في نهاية العام بتكريمي من قبل المكتبة بهدية عبارة عن عدد من الدواوين الشعرية والروايات التي أحتفظ بها، وكنا نحرص في الفصل بتخصيص مكتبة من خلال تبرع الطالبات ومعلمة اللغة العربية بمجموعة كتب ومجلات. استمر اهتمامي بالتواجد بالمكتبة إلى الجامعة فخلال أوقات الفراغ كنت احرص بالذهاب للمكتبة ومن خلاله كونت صداقة ومعرفة بمن يعشقن الكتاب..
تنتقل للمرحلة العملية وهنا تتأتى الصدمة بأن يكون وجود المكتبة ليس من أولويات الجهات الحكومية ولا من الأهمية بالالتفات إليها رغم اهتمام بعض الجهات بالبحث العلمي والمسابقات ليأتي التساؤل: كيف يمكن التحرك بمسار البحث وتطوير الموظف دون وجود مكتبة متخصصة بجهة العمل؟
وتستمر رحلة الذهاب للمكتبة في مرحلة الماجستير ومن أجمل اللحظات التي أقضيها هي رحلة البحث بين الأرفف عن عنوان كتاب وكانت دار الكتب القطرية من المكتبات الثرية بالكتب النادرة التي لم أجدها الا لديهم وأحزنني حال ومستوى الأمن والنظافة والجو العام لدار الكتب القطرية وكتبت وقتها مقالا.. وكذلك مكتبة الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني التابعة للأوقاف وكم المخطوطات وكتب التراث التي وجدتها لديهم.. وكذلك مستوى وقيم الكتب والمخطوطات المتوافرة في هذه المكتبة يحتاج من الاهتمام والالتفات والحرص..
وتبقى المكتبات الجامعية بتميزها والحضور المستمر من الطلبة والباحثين وتحديدا مكتبات الجامعات في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، تحديدا مكتبة كلية الدراسات الإسلامية وكلية السياسة والقانون ومكتبة جورج تاون.. والتعاون الرائع الذي وجدناه ونجده دائما..
لتأتي اللحظة المعرفية والتاريخية بافتتاح مكتبة قطر الوطنية.. لحظة تاريخية سجلتها الكاميرات والصور بافتتاحها من قبل صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ووضعه للكتاب المليون على أرفف المكتبة، وحضور سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني باني قطر الحديثة، وقطر المعرفة، وكلمة الشيخة موزا بنت ناصر ئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر: «إن افتتاح مكتبة قطر الوطنية يستدعي الشعور بالفخر التاريخي والانتماء للريادة في الوطن العربي منذ بدء تاريخ الكتابة والتدوين والمكتبات في وادي الرافدين قبل أكثر من خمسة آلاف عام، معربة عن تطلعها إلى أن يكون هذا المشروع آلية حديثة لدعم النهوض باللغة العربية ولإحياء حضورها الحضاري من خلال قراءة جديدة للتراث العربي واستعادة إشراقاتها» وأكدت الشيخة موزا بنت ناصر أن «وظيفة المكتبة لم تعد تقتصر على كونها مجرد خزانة للكتب أو أرشيف للتاريخ ترتادها النخبة الثقافية وتستفيد منها المؤسسات الأكاديمية وطلبة العلم فحسب، بل أمست كيانا ديناميا يصنع حراكا ثقافيا مجتمعيا واسعا ويثري الحوار المعرفي وينمي العقل والخيال الإبداعي..».
آخر جرة قلم
نحن في نعمة عظيمة أن نكون تحت ظل قيادة جعلت من الإنسان وبناء فكره المعرفي والثقافي ووجوده وإسهامه سببا رئيسيا في تنمية الدولة التي تعتمد على المعرفة والإنسان..
نحن في نعمة عظيمة بأننا أمة «اقرأ».. ونملك مثل هذا الصرح العظيم للعلم والبحث المجاني..
الدور الأكبر والأهم بتشجيع القراءة والبحث العلمي والاهتمام باللغة العربية الغنية والثرية بمخطوطاتها وكتبها ولغتها ومؤلفيها بأن نشجع على القراءة والاهتمام باللغة العربية، والحرص على أهمية المكتبة، ابتداء من مكتبة البيت ومرورا بمكتبة المدرسة والجامعة ووصولا ودخولا إلى هذا الصرح المعماري الغني والفريد بمحتواه.. شكرا لقيادتنا اهتمامها بتنمية المواطن والاعتماد عليه استثمارا للتنمية وتحقيقا لرؤية قطر 2030.

بقلم : سلوى الملا
copy short url   نسخ
19/04/2018
2672