+ A
A -
فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسيةِ المصريةِ الأخيرة، نتيجة محسومة سلفاً قبل أن تبدأ العمليةِ الانتخابيةِ ذاتها. فساحة المنافسة محدودة في تلك العملية الانتخابية، بعد تهشيم وتهميش الأخرين وإقصاء أي منافسٍ حقيقي، والحظوظ فيها كانت محصورة وتصب لصالح مرشح العسكرتاريا المصرية الرئيس عبد الفتاح السيسي المنتهية ولايته.
الدعاية الانتخابية الجديَّةِ، ضاعت ولم تَكُن على المستوى البرنامجي المطروح على الشارع المصري لمواجهة المصاعب التالية في حياة مصر والمصريين، اللهم سوى الحديث عن محاربة الإرهاب في سيناء، حيث بَرَزَت تلك المسألة كشعار في مسار العملية الانتخابية، علماً بأنها ليست قضية انتخابية تخضع لظروفٍ طارئةٍ، أو متطلباتِ دعاية، بقدر ما هي قضية إجماع وطني ضد خطر وجودي لا يستثني أحداً في مصر كلها، والطرف «الإسرائيلي» غير بعيدٍ عنها على الإطلاق.
وعليه، لقد انتهت عملية الانتخابات الرئاسية المصرية، بنتائج معروفة مسبقاً، أي بتمديد حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، لفترة جديدة تستمر لأربعِ سنواتٍ، فعندما غاب التنافس الحقيقي، فَقدَت الانتخابات روحها ورونقها، وتقوّضت أي فرصةٍ لتصحيح الصورة وسياسات مصر الخارجية بصدد موضوع الأزمة الخليجية، ومشروع ترامب المعنون بــ «صفقة القرن».
ولكن ما الجديد المتوقع في المرحلة التالية من قيادة الرئيس السيسي..؟
حقيقة، من الصعب أن نشهد انفراجاتٍ معقولة في الأوضاع المصرية الداخلية في الفترةِ التالية من ولاية الرئيس السيسي لعدة اسباب: أولها انَّ مصر تعيش الآن أوضاعاً اقتصادية صعبة واستثنائية، وديون خارجية غير مسبوقة مع الإتكاءعلى البنك الدولي ووضع البلاد رهينة له، واستمرار التوجّه الحالي القائم على الإعتماد على الديون الخارجية على حساب الديون المحلية، بعد ارتفاع تكلفة الإقتراض المحلي بعد رفع سعر الفائدة.
وثانيها أنَّ هناك عملية مستمرة بتوسيع مساحات التضييق على الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني المستقلة، وزيادة إمساك القبضة الأمنية أكثر وأكثر، وذلك بسبب تضخم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، واستمرار حالات الإعتقال السياسي، مقابل إتباع المزيد من عسكرة الإعلام، والتحويل المستمر لكل أصحاب النفس الناقد أو المعارض للمحاكم، تحت تهم شتى كــ «اتهامات» قلب نظام الحكم، الإرهاب...
وثالثها أنَّ مصر تعيشُ حالة من الارتباك السياسي في ظل المعادلة السياسية الجديدة التي وضع بها الرئيس السيسي مصر وسياساتها الخارجية، منذ التحاقها بالمحور الجديد بعد المعركة السياسية المُفتعلة في منطقة الخليج ومع دولة قطر على وجه التحديد، حيث أصبحت مصر العربية بثقلها السياسي والمعنوي والجغرافي ودورها الإقليمي وكأنها تابعة في معركة التمحور والاستقطابات التي نشأت. والضابيبة التي تحيط بالموقف المصري من خطة ترامب المعنونة بــ «صفقة القرن» والتي رفضها الفلسطينيون بكافة تشكيلاتهم السياسية دون استثناء. رابعاً، يرى المراقبون والمتابعون، وفي الفترةِ التاليةِ القادمة من إعلان فوز الرئيس السيسي، أنَّ هناك خطوتين لهما دلالات قطعية قد تقع في مصر، خطوة تأسيس حزب سلطة جديد من داخل ائتلاف دعم مصر باسم توفير «غطاء سياسي» للرئيس السياسي، وتعديل الدستور بما يفتح الطريق أمام إعادة إنتاج المرحلة الماضية التي إنقضت بعد سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك ومصادرة مبدأ تداول السلطة.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
01/04/2018
1826