+ A
A -
بعض المناصب في حكوماتنا العربية أشفق كثيرا على من يتولاها، لأنه سيكون متحملا إثما فوق طاقته في الدنيا وشهادة لا يحتمل القيام بها أو الادلاء بها في الآخرة، شاءت الاقدار أن يكون المواطن العربي مخيرا بين رزقه وبين ضميره، فيأتي الرزق أولا والضمير ثانيا، إلا من رحم ربي، منصب ديوان المحاسبة، والنيابة العامة، وسلك القضاء عموما، ومنصب إدارات الرقابة، ومفتي الدولة أو القضاء الشرعي.. مناصب قيَم بالدرجة الأولى، جميع المناصب الحكومية على قدر من الاهمية وعلى جانب كبير من القيم أو يفترض ذلك، لكن هذه المناصب الاربعة لها خصوصية لأنها هي مداخل الاصلاح، يعجز أي نظام في العالم تسيير آلياته دون وجود هذه المناصب، لذلك هي من ركائزه الهامة جدا.
التهام النظام العربي لهذه المناصب كرس استبداده وقنن له، فيما يستمتع اصحابها بالرضا الحكومي والمباركة من النظام تتسع في نفس الوقت ذمتهم في التملك والحيازة، فيصبح حارس الحقل هو من يسرق المحصول. رأينا كيف عُدل الدستور في خمس دقائق في بلد عربي، وسمعنا رؤيا المفتى عن الجنرال الذي ارسلته السماء لينقذ الشعب، ورأينا الشفافية والرقابة التي تراقب سيارات المواطنين عند كل منحنى لتسرق قوت الشهر من الأولاد، وسمعنا الخطاب الديني الرسمي الذي وعد بإعادة عهد عمر وعدالة ابن عبدالعزيز، وكذلك عن المفتي الذي بارك حصار دولة جارة مسلمة وشقيقة في شهر مبارك «رمضان»، أشفق كثيرا كما ذكرت على من يعتلي هذه المناصب في عالمنا العربي، فهي مناصب تقرب من النار، تأخذه الدنيا وبريقها الزائف ويترك وراءه يوما ثقيلا، لعن الله الحاجة والعوز، وبارك في الضمير الحي الذي يرى الدنيا مساحة بين مدخل ومخرج أو طيف خيال لابد من أن نصحو منه ببصر من حديد.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
25/03/2018
2482