+ A
A -
جلست الشقراء بنت الأشقر.. سفيرة بريطانيا في دولة كذا، وهي تحمل بيدها ورقة صغيرة، تمسك بها بيد وفي اليد الأخرى شنطتها الدبلوماسية.
أخذت مقعدها بين نواب مجلس العموم البريطاني، ثم فتحت لها ضوء الميكرفون ليؤذن لها بالحديث:
قالت وهي تبتسم:
لن آخذ من وقت مجلسكم الموقر الكثير، فالموضوع لا يستحق الكثير من الوقت.
أنا أجلس بينكم اليوم لكي أقدم لكم تقريرا عن التعليم في الوطن العربي.
والتقرير كتقرير مهم، وتزداد أهميته كونه عن التعليم تحديدا، لأن الأمم لا ترتقي بغير التعليم.
تقرير عن التعليم في الوطن العربي..
ابتسمت السفيرة أكثر ثم نظرت إلى الورقة التي تحملها ثم قالت:
النظام التعليمي في الوطن العربي،
يؤدي إلى مفارقات مدهشة بين الخريجين..
فطلاب الدرجة الأولى من الأذكياء والنخب الطلابية يذهبون إلى كليات الطب والهندسة.
بينما خريجو الدرجة الثانية من الأقل مستوى تعليميا فيذهبون إلى كليات إدارة الاعمال والاقتصاد..
وبذلك يصبحون مدراء لخريجي الدرجة الأولى.
في حين أن خريجي الدرجة الثالثة الذين ينجحون بالحظ أو الغش أو الواسطة فيتجهون إلى السياسة فيصبحون بذلك هم ساسة البلاد.
وبناء عليه يحكمون خريجي الدرجة الأولى والثانية!!
وهناك فئة أخرى تلتحق في الجيش والشرطة، لأنها الوظيفة الوحيدة التي تتيحها الدول العربية لهم.
وبذلك هم سيتحكمون في السياسيين، ويطيحون بهم من مواقعهم أو يقتلونهم متى ما أرادوا أو خالفوا هواهم.
ضحك جميع النواب وهم يستحضرون ذكرى قتل جيش عربي لنخب طبية واقتصاية وسياسية قبل فترة.
صمتت السفيرة وهي تداري ابتسامة أخرى ثم استدركت:
أما المدهش حقا فهم الذين لم يدخلوا المدارس أصلا، لأنهم ليسوا بحاجة للتعليم أو الوظيفة...
هم بعض زعماء الأحياء يأتمر الجميع بأمرهم وتصرف عليهم الدولة.
صفق النواب إعجابا بالقدرة العجيبة لسعادة السفيرة في اختصار تقرير يحمل كل هذا العمق بكلمات قليلة..
وارتاح الجميع.

بقلم : بن سيف
copy short url   نسخ
20/03/2018
2901