+ A
A -
أول ما يقال حول سيناء هذه الأيام انها ارض ترابيةخصبة من الخطأ وصفها بالصحراء، وأن مساحتها ستون ألف دونم، أي ضعفي فلسطين التاريخية: «أراضي 48 والضفة والقطاع».
كثير مما ينشر عن «دولة فلسطين الجديدة» منسوب لمصادر اميركية توزع «معلومات» على المواقع، يبلغنا فيها الجنرال ماكماستر مستشار الأمن القومي أن قصة فلسطين المتداولة ليست مزعومة، وأن ما ينفذ أكثر من مجرد بحث تاريخي او جغرافي خالٍ كما يدعون، من الأهداف المشبوهة.
لم يقل احد ان اللقاء المصري السعودي في القاهرة لنقل فلسطين الى الصحراء المصرية وتطويب ارضها دولة يهودية خالصة، وإذا كنا نتساءل عما إذا كانت الدولة الموعودة اضغاث أحلام، أم جزءا من رؤية «2030» الشهيرة، أم بعضا من «صفقة القرن» الفعلية، فإننا نعرف ان المساحة التي تسمى فلسطين الجغرافية يقيم عليها سبعة ملايين يهودي، وخمسة ملايين فلسطيني يبحث لهم «الكبار» عن وطن صحراوي تربتُه جنة مروية رغم تساؤل البعض عما اذا كان التعايش ممكنا بين الشعبين هناك، ويضيف بائعو الأوطان وناقلوها على «عجلات طروادية» إلكترونية المواصفات ان السلطات المصرية تهمل سيناء التي لا يقيم فيها الآن سوى 2.2 مليون مصري معظمهم في رفح والعريش وبلدات على حدود غزة.
لم نعرف الى أين سيذهب أولئك المصريون، كما لم نعرف اسباب تذكيرنا بأن سيناء لم تكن ضمن خريطة مصر في 1932 عندما فرض عليها الانتداب البريطاني، قبل إعادتها الى مصر عام 1937 لأسباب لا تزال مجهولة.
تتحدث تلك التقارير بأقلام محترفة، وجدية مفتعلة عن المساحة الضخمة التي ستعطى لأهل فلسطين، لكننا لم نسمع عن ردود فعل المصريين تجاه ما ُحفر لهم أيضا، ولا عما ستفعله الرياض والقاهرة لإطلاق المشروع واجتذاب الدعم له من دول الشرق الأوسط والخليج.
يزعم كاتبوها ان ما يطرحونه سينهي مشكلتي فلسطين وإيران، ويدّعون ايضا ان 1500 مليار دولار (!) ستنفق لتحلية مياه البحر عبر مولدات نووية تفي بحاجة عشرين مليون نسمة اي ضعفي الفلسطينيين القادمين، اضافة الى تلزيم شركات كبرى لإنشاء المدن وشق الطرق وبناء المدارس والمستشفيات والجامعات والجسور وناطحات السحاب، وأن القيادة ستحتفظ بمبلغ 350 مليار دولار اي ضعفي ميزانية اسرائيل فيما ستعمل اوروبا على اعداد البنى التحتية لفلسطين «رقم 2»، مقابل إلغاء حق عودة اللاجئين!
لا نعلم شيئا عن التريليونات التي تسند هذا المشروع الأسطوري، ولا عن مئات المليارات التي يتردد ان دولا خليجية ستدفعها لنزع نفوذ ايران في العراق وسوريا ولبنان، لكن اصحاب هذا المال الخرافي يتكفلون بأن تنتهي «الممانعة» لأنه بعد قيام الدولة الفلسطينية بمواصفات نيويورك ولاس فيغاس، سيصبح نفوذ ايران وحلفائها بلا دور!
كثير هو الذي يقال، والذي يسبح الجزء الأكبر منه في بحر من «البروباغاندا» التي تكاد لا تصدق، يرفع الغطاء عن صفقة قرن يشكلها الأبالسة كما لو كانوا أطفالا يبنون قصورهم الطينية وطياراتهم الورقية، غير ان ليس كل ما يقال خيالا مجردا، إذ ان له أهدافا تخلو تماما من البراءة والنوايا الحسنة، دون ان ننسى أن تخصيص قطعة من سيناء لتكبير قطاع غزة وتحويله الى دولة فلسطينية قابلة للحياة فكرة قديمة وملازمة لكل ما تردد بشأن إقامة مثل تلك الدولة.
غير ان الذين يُسوّقون الدول لم ينسوا حتى الدور الاردني الراعي للمقدسات الاسلامية، ويتحدثون عن استمراره وعن وضع آلية لوصول كل المؤمنين بالكتب السماوية الى القدس. ويلاحظون ان الكنيسة الاورثوذكسية في اليونان باعت 500 دونم من ارضها في القدس، وستبيع 800 أخرى لإقامة سياج من المستوطنات، أما كنيسة المهد (القيامة)، فالمسيحيون في العالم لا يهتمون بها بقدر اهتمامهم بالفاتيكان حسب رؤية صهاينة اسرائيل!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
11/03/2018
48602