+ A
A -
حين تنقضي أشهر الحمل التسعة تنتظر الأم وليدها بلهفة وإن كانت تريده وسيماً جميلاً ذكراً أو أنثى إلا أن أهم ما يتبقى من شروط في ذهنها هو أن يكون الوليد سليماً معافى، غريب أمر التسعة أشهر هذه بدايتها إحساس وبالكاد يمر شهر أو اثنان منها إلا وتتبدل المشاعر نحو القادم بعد انقضائها وكما غرابته لدى الأم فأمره غريب لنا نحن أيضاً حيث بات حصارهم لدولة قطر وبعد أن لفظ أنفاسه منذ البداية يبلغ ذات الأشهر لكنه وليد وليس جنيناً فمنذ ولادة هذا الحصار كان وليداً ميتاً بالكاد تنفس ولفظ أنفاسه سريعا فالمتابع سواء من الرأي العام الخليجي والعالمي بات يرى أن قطر قد كسبت معركة الاتهامات التي وجهتها دول الحصار بخصوص الاتهام بدعم الإرهاب أو حقوق الإنسان وكيف استطاعت قطر أن تحقق ذلك وتكسب الرأي العام العالمي إلى جانبها في هذه الملفات الحساسة فمسألة الحكمة والرصانة في كل المواقف منذ البداية رغم أن الضرر وقع على قطر مسألة لا يمكن التغاضي عنها بل وكان واضحاً جدا أن دولة قطر تمثل الحقيقة والموضوعية لا الازدواجية في الطرح حتى وأن أراد البعض عدم تصديق ذلك إلا أن كل شيء بات واضحاً جلياً كالشمس في كبد سماءٍ صافية.
وجميعنا يعلم أن الغرض من هذه الأزمة محاولة عزل قطر ولكن وبناءً على حكمة القيادة فقد كثفت الدوحة اتفاقياتها الأمنية والعسكرية والسياسية مع الدول الكبرى واتصالها بالعالم أصبح أكثر من أي مرحلة سابقة.. فالتوجه الاستراتيجي اليوم هو بناء علاقات استراتيجية مع الدول وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على أن قطر لم ولن تفرط في سيادتها واستقلال قرارها ولعله بات مؤكدا أن ما يحدث لقطر وما تتعرض له من حصار جائر هو ضريبة لسيادتها واستقلال القرار لديها.
هذا وكسرت قطر بدبلوماسيتها الهادئة الرزينة والحنكة السياسية لقادتها التي أدارت الأزمة بحكمة بعيدا عن «شاشات المهاترات الإعلامية الرخيصة ومجالس الردح الدبلوماسي» حلقات الحصار وردته إلى أهله في وقفة شعبية وطنية أذهلت العالم المتحضر بل وكسبت قطر مع ذلك تعاطف واحترام المجتمع الدولي بينما خسرت الأطراف الأخرى صيتها وافتضاح نيتها أمام العالم لا الشعب فقط.
وبعد تسعة أشهر علينا التأكد أن قطر تجاوزت وبنجاح تبعات الأزمة المفتعلة وتعاملت معها بحكمة وبشكل أربك المحاصرين وأفشل مساعي زعزعة استقرار قطر بل وبالمقابل مضت الدولة في إبراز سلامة موقفها على المستوى الدولي ومواصلة نجاحها على المستوى المحلي، وإذا كان سيدي تميم بن حمد قد قال حول الأزمة إننا «متمسكون باستقلالنا وأصبحنا أقوى بعد الحصار بل وأنه شكل صدمة في توقيته»، موضحا أن فرض الحصار على بلاده كان صادما للشعب القطري لأنه لم تكن هناك إشارات سابقة، فإن الشعب قال كلمته بوقفة ولاء مع قائده ملتفاً حوله بيقين كامل أن الحق لا يُعلى عليه.
وإذا كان هدفهم التخلي عن استقلاليتنا فإن سيدي صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (حفظه الله) أكد تمسكه باستقلالية قرار بلاده وسياساتها ورفضه التدخل في سيادتها أو المس بكرامتها، إذاً سواء كانت الولادة طبيعية أو لا، فالحصار ولد ميتاً أو تنفس قليلاً ومات فلا رحمة تجوز عليه وعلى من افتعله ضد الأبرياء، وبلا شك للعلا يا موطني.

بقلم : ابتسام الحبيل
copy short url   نسخ
10/03/2018
2245