+ A
A -
تناقلت وسائل الإعلام في الأول والثاني من شهر فبراير استقالة الوزير اللورد مايكل بايتس، بعد تأخره عن جلسة كانت مخصصة للاستماع إلى أسئلة البرلمانيين، ورد أعضاء الحكومة عليها، وقال إن هذا يُمثل سلوكاً مرفوضاً يستوجب الاستقالة. لم يصل بيتس في الموعد المحدد للرد على سؤال للبارونة روث ليستر، فردّ رئيس كتلة المحافظين في مجلس اللوردات، على أسئلة زميلته البارونة نيابة عن الوزير. وصل الوزير، وطلب الكلمة، معتذراً، قائلاً إنه تشرف طيلة السنوات الخمس الماضية بالرد باسم الحكومة على أسئلة اللوردات والنواب، وإنه في غاية الخجل والأسف لسلوكه، مضيفاً «ولأكفر عن ذنبي، أطلب منكم الصفح، وسأتقدم اليوم باستقالتي إلى رئيسة الحكومة، على أن تسري بشكل فوري». أعطوني مسؤولاً عربياً واحداً من مستوى وزير، أو أقل من ذلك بكثير، وصل إلى الموعد في الوقت المحدد، أو اعتذر عن تأخره.
كان العنوان «هذه بضاعتنا ردت إلينا» بل إن تاريخنا – وإن لم يكن مضيئاً دائماً – حافل بأمثلة أشد من هذا، ولنأخذ الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الـلـه عنه، وقد قال له الإمام علي بن أبي طالب كرم الـلـه وجهه «لقد أتعبت من يأتي بعدك يا أمير المؤمنين» لأن الناس سيقارنون بينه وبين الفاروق.
خطب الناس فقال «أيها الناس اسمعوا وأطيعوا» فرد عليه أحدهم «لا سمع ولا طاعة يا ابن الخطاب» وهكذا نزع عنه صفة الخلافة، وسحب بيعته، ولم يعاقبه الفاروق، بل سأله ببساطة عن السبب، وأوضح الرجل أن كلاً منهم نال قطعة قماش كفته بالكاد لخياطة ثوب، فكيف كفت عمر وكان أطولهم، وشرح عبد الـلـه بن عمر الأمر للرجل بأنه تبرع بقماشه لأبيه، فاقتنع وقال «الآن سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين»
قال إنه سيحدد المهور بما كان عليه مهر الزهراء رضي الـلـه عنها، فقالت امرأة مسلمة «ليس لك هذا يا عمر، أما سمعت قول الـلـه تعالى: وآتيتم إحداهن قنطاراً؟» فتراجع عمر وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
قال الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك للأبرش الكلبي «يا ابن الفاعلة» فقال الأبرش: والـلـه لو قال هذا عبد من عبيدك لآخر مثله لكان قبيحاً، فاستحيا هشام وقال: فاقتص مني وقل لي كما قلت لك، قال: إذن أكون سفيهاً مثلك، قال: هبها لي، قال: قد فعلت.
هذا غيض من فيض، ونحتاج إلى مجلدات لنستعرض المضيء من تاريخنا، لكننا تخلينا عن أخلاقنا، وتعلموها، وصرنا نشيد بهم، وكما قال الإمام محمد عبده «رأيت في أوروبا إسلاماً بلا مسلمين، وفي بلادي مسلمين بلا إسلام».

بقلم : نزار عابدين
copy short url   نسخ
05/03/2018
2409