+ A
A -
لا جدال أن داعش انتهى كدولة مزعومة. وبانتهاء الدولة المتوهمة.. يكون السؤال المهم هو.. هل انتهى تنظيم داعش؟. فمقاتلو التنظيم، ما زال عدد منهم– لا أحد يملك إحصاءً– موجودا ومسلحا، وكثير من المناطق والمدن خرج منها الدواعش بصفقات، بعوائلهم وأسلحتهم سالمين، الأمر الذي يعني أن التنظيم موجود كأفراد، وربما كمجموعات، وأن انهيار دولته، التي كانت تحمل عوامل الانهيار بين طيات قرار الإنشاء، لا يعني اختفاءه، فأين ذهب؟ وإلى ماذا تحول؟..
السؤال يتردد صداه منذ الانتصارات المتوالية التي تتحقق في العراق وسوريا ضد التنظيم، دون إجابة قاطعة، إلى أن خرج على العالم الأربعاء الماضي، منسّق الدبلوماسية الأميركية لمكافحة الإرهاب ناثان سيلز، ليقول للصحفيين، إنه مع تحقيق الانتصار تلو الآخر على داعش في ميدان المعركة فإن التنظيم يتأقلم مع انتصاراتنا. وأضاف «أعتقد أن ما نراه هو أن داعش يصبح لامركزيا على نحو متزايد، إنه آخذ في التطور والتكيف».
تقديري أن التحول إلى مرحلة اللامركزية، بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، أخطر كثيرا من مرحلة «الدولة الوهمية»، التي تجمع فيها التنظيم، وهو ما سهل المواجهة مع نسبيا بالآلة العسكرية.
مرحلة التكيف مع الهزائم، والتحول إلى اللامركزية، تطرح سؤالا هو الأهم، عن استعدادات الدول المحتملة لتسلل أفراد التنظيم الإرهابي إليها، لمواجهة مخاطره، فلم يعد الاكتفاء بالمواجهة العسكرية فقط، حلا ناجحا وناجعا في تلك المواجهة.
من الأهمية بمكان، النظر بعين الاعتبار لقول الدبلوماسي الأميركي، إن ««المعركة لم تنته على الإطلاق، إنها مجرد مرحلة جديدة. نحن ننتقل من جهد عسكري بالدرجة الأولى إلى جهود مدنية وقمعية متزايدة».
المعركة مع الإرهاب بكافة تنظيماته، وفي القلب منها التنظيم الاخطر، معركة طويلة ومعقدة، ومن الخطر أن يكتفى فيها بالمواجهة العسكرية، التي وباعتراف واشنطن، أمكن للتنظيم التكيف معها، ما يعني أن هزيمة ساحقة، وقضاءً مبرما على التنظيم، ليس واردا بتلك الطرق.
ربما كان من المفيد لصنّاع داعش، أن يبقى التنظيم شبحا مرعبا، يستخدم للتفزيع وقت الحاجة إليه. لكن يبقى على الجادين في مواجهة إرهاب داعش أو غيره من التنظيمات، أن يطوروا أساليبهم وطرقهم للمواجهة، ومن قبل أن يحصنوا أوطانهم، فكريا وسياسيا من ظهور هذه التنظيمات، أو احتضانها والتعاطف معها.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
04/03/2018
2248