+ A
A -
البيئة التي نحاول الحفاظ عليها اليوم، ونضع البرامج والتوصيات من أجل بيئة صحية لمواطن سليم، كانت أرضيتها وبناؤها التحتي متوفراً، لم نعمل على البناء عليه بقدر ما عملنا على إهداره وإزالته، يمثل الريان القديم سابقاً رئة الوطن التي يتنفس بها، مزارع على مدَ النظر، طيور بأشكالها وبمواسمها المختلفة، مياه تنساب صيفاً وتفيض شتاء عند نزول المطر، كان صيفنا نقضيه في هذه المزارع وكنا نسميها «زروع» جمع زرع، خطوتين من كل بيت فإذا أنت في وسط زرع أشبه بحديقة غناء لا تفصلها سوى حيطان من طين واحياناً من إسمنت رقيق.
اليوم وأنا أعود بالذاكرة إلى تلك المزارع التي أُزيلت يعتصرني ألم أخفية وحسرة أحاول التغلب عليها، اليوم بعد أن أصحبنا «حبيسي الاسمنت والازفلت فلا خضرة حوالينا ولا ماءُ، لا تغني حدائق اليوم عن طبيعة الأمس لأنها بيئة طبيعية قريبة من البيوت والفرجان إنها جغرافيا الانسان البسيط على طبيعته التلقائية.
كنا محكومين بجغرافية الريان صيفا وشتاء ماعدا الخروج للبر أو للبحر. كان للريان طبيعة خاصة وهي على ما أعتقد التي أعطته هذا المسمى الجميل فهو محاط تقريبا بالمزارع وحتى كنا نستيقظ باكرا على أصوات ماكينات جلب المياه في هذه المزارع وبه العديد من برك السباحة ففي بعض المزارع هناك أكثر بركة، نقضى أوقاتنا صيفا في السباحة فيها وفي صيد الطيور، وكنا نواجه ممانعة ورفضا أحيانا من المشتغلين فيها من أهل عمان أو البلوش، وكان زرع الشيوخ موكولا به رجل فاضل من أهل الحوطة اسمه «ابن غميان» ومعه علي العقيلي رحمه الله وهناك مزارع أخرى كزرع الشيخ جاسم وزرع الشقب وزرع الشيخ على بن عبدالله، كان الريان أشبه بالرئة التي يتنفس منها المكان، ويصفو مع الجو والزمان وكان والدي يمتلك مزرعة في غرافة الريان داخل سور المدينة التعليمية الآن بها بركتان للسباحة، في الليل ليس هناك سوى جلعة «قلعة» عبدالله بن جاسم الذي يسكنها حفيده الشيخ جاسم الذي كان يحبه محبة خاصة حتى أنه كان يدعي باسمه جاسم بن عبدالله وهو جاسم بن علي بن عبدالله، لكنها ليس لمن كان في مثل سني حيث انني كنت صغيرا بالنسبة لأولاد الشيخ فأحيانا يسمحون لمن هم في سني بالدخول واحيان لا يسمحون. وكان اشهر الافلام فيلم مغامرات عنترة بن شداد بطولة سراج منير وكوكا وكان يعرض باستمرار بالاضافة إلى فلم آخر فظيع اسمه «لص بغداد» كما كان ملعب الشعلة الذي يقع خلف الجلعة مسرحاً لكثير من المباريات بين فرق الفرجان المختلفة في الريان وأحيانا مع فرق من الفرجان الأخرى من مناطق أخرى.
ياليتنا حفظنا الريان وإن كنا أضعنا الانسان.
بقلم:عبد العزيز الخاطر
copy short url   نسخ
02/03/2018
2942