+ A
A -
العالم، قلت لنفسي، تنتظره ألف كارثة، كثير منها يقع في الثلاثي العربي - الإسلامي: الشرق الاوسط والخليج وشمال افريقيا، وكثير ايضا في مناطق محملة بالمخاطر والتطورات كروسيا والصين واليابان وكوريا، وبعض البؤر الآسيوية والافريقية والاوروبية المتفجرة.
لفت نظري بشكل خاص ما قاله الاميرال هاري هاريس سفير اميركا الجديد في استراليا وقائد القيادة العسكرية السابق في المحيط الهادئ، قبل أيام. وإذ أبدى هذا الجنرال قلقه من بناء الصين سبع منشآت عسكرية في جزر متنازع عليها بين البلدين، فقد حذر بوضوح من ان الجيش الصيني سينافس الجيش الأميركي في كل المجالات قريبا، متهما واشنطن بتجاهل «توسعات» بكين وسلوكها الاقتصادي «الصارم» وفرضها سياساتها «بالإكراه» على دول الجوار.
اميركا ليست ألطف بطبيعة الحال، وإن تنوعت الاسباب والأساليب، لكن خطر الانجذاب لمواجهة أميركية صينية يرفض هاريس استبعادها، يقودنا إلى الروس الذين يحسون ان سوريا حبستهم بدل ان يحبسوها في مربع الاستعصاء السياسي والعسكري والإرهابي، فيما يشكو الكرملين ايضا من ضغوط خطيرة بسبب اوكرانيا من جهة وتقلد الإرهابي الداعشي «أبا محمد القدري» قيادة تنظيم داعش في القوقاز، ما يشكل تهديدا مباشرا للمصالح القومية الروسية في المنطقة.
كذلك عززت موسكو مؤخرا علاقاتها مع طالبان بهدف العودة إلى افغانستان ضمن لعبة معقدة ومتعددة الاهداف. وتتمثل خطورة ذلك في ان بوتين يحول افغانستان إلى ساحة حرب بالوكالة بين واشنطن والناتو من جهة، وروسيا وطهران من جهة اخرى، ويؤكد العسكر المطلعون على الموقف الآن، ان الانفتاح الروسي على طالبان رفع نسبة العمليات الطالبانية ضد كابول بمقدار 35 بالمائة في الشهور الاخيرة.
الترهل البادي على الروس في سوريا يتكرر في افغانستان ومحيطها، حيث تصاعدت مخاوف موسكو من التوسعات العلنية لداعش في شمال الدولة الافغانية المحاذية للخاصرة الروسية الرخوة في آسيا الوسطى والقوقاز. وكانت الأمم المتحدة قد اعلنت عام 2015 عن انتشار مقاتلي طالبان في مساحة تتراوح بين 25 و34 بالمائة من افغانستان.
وتزيد الأمور صعوبة، علاقة طالبان بالقاعدة لمصلحة موسكو التي تحارب الإرهاب في سوريا وتتهم واشنطن باللاجدية في احتواء «تنظيم الدولة»، وحرصها فقط على تقويض النفوذ الروسي في آسيا الوسطى.
هذه مجرّد عينات تحلق في الآفاق فعليا وإنترنتيا (إلكترونيا) في آن، بينما تقود ألمانيا وفرنسا علنا حملة اوروبية كبرى ضد السياسات الأميركية في الشرق الاوسط وخاصة تجاه القدس ومستقبل فلسطين، بمساعدة دول عربية معروفة للجميع.
وإذا كانت روسيا تخشى ان يلملم داعش نفسه بعد هزائمه في العراق وسوريا، في آسيا الوسطى بمساعدة القاعدة للانقضاض لاحقا على اهداف في موسكو ذاتها، فإن عناء التفكير بما يمكن ان تقدم عليه إيران لرد مكائد تُعَدُّ هائلة لها ولحليفها حزب الله، يكفي للتسبب في قلق عالمي شامل، خاصة على ضوء مواجهة، يقول محللون معتبرون إنها قادمة قريبا، بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقوى عربية من جهة، وروسيا وإيران وحزب الله وربما بعض الاوروبيين من جهة ثانية.
خلطة سحرية؟! يمكن ان نقول ذلك، ولكن لا شيء يلزمنا بوصفها بالخلطة السرية، فالأسرار انكشفت في «بواليع الانترنت» المفزعة، والسر - أي سر - يُبعث حياً في دقائق!
بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
28/02/2018
2739