+ A
A -
هذا العصر ليس هو عصر المكوك، ولا الإنترنت.. ولا عصر جورج دبليو بوش، ولا بن لادن، ولا ترامب، ولا الكوري القصير المليان شحما ولحما، الذي في يمينه زر نووي.
إنه «عصري» و«عصرك»..
إنه العصر الذي «انعصرنا» فيه نحن الاثنين- معاً- بكميات مهولة جداً من «الضغوطات»: ضغوطات في البيت، وفي الشارع، وفي المكتب والورشة.. وفي أي مكان، حتى «المنتجعات» تلك التي أصبحت بالتفجيرات، صالات مغادرة، إلى.. المقابر!
أحدث تعريف للإنسان: إنه مخلوق «مضغوط»! مخلوق يضغطه رئيسه، وتضغطه زوجته، ويضغطه عياله، ويضغطه جيرانه وأصحابه.. مخلوق تضغطه السياسة وتضغطه المعايش، ويضغطه الفقر، والغنى.. ويضغطه العلم، ويضغطه الجهل، وتضغطه الوحدة وتضغطه الرفقة، وتضغطه أنت، وأنت المضغوط!
كل هذه الضغوطات، تخلق من الإنسان- في النهاية- مخلوقاً متوتراً، لا يحسن شيئاً إلا التوتير: توتير الحياة، وتوتير هذه الدنيا الجميلة.
التوتر هو -إذن- مرض العصر.. وكما فشل الفلاسفة الكبار، ورجال الدين، وعلماء الاجتماع، والفنانون، والمغنون، والمثقفون في إبراء الإنسان من هذا المرض. فشل الأطباء بمختلف تخصصاتهم، حتى الأطباء النفسانيين!
كيف لهؤلاء جميعاً، ولغيرهم أن ينجحوا في إبراء الإنسان من مرض التوتر، وهم- في الأساس- جزء من المشكلة.. بل هم- في الحقيقة مثل السياسيين- المشكلة كلها؟!
كيف تتداوى أنت شخصياً من التوتر؟
لا دواء في حقنة، أو حبة أو كتاب، أو مزيكا، أو مشية، أو قعدة، أو وقفة، أو رقدة، أو في حديث، أو في سكوت، أو في تأمل، أو في استرخاء أو.. وأو.. إلى آخر الوصفات التي يقول بها الكثيرون، والتي لا تزيد في النهاية، إلا من تعقيد أزمة الإنسان المعاصر!
لا دواء، إلا الضحك.. والإنسان- هذا المخلوق الوحيد المتوتر الآن باستمرار- لم يصبح هكذا، إلا لأنه نسى في غمرة مشاغله أنه.. مخلوق ضاحك!
أضحك إذن..
أضحك مع الآخر، وضاحكه.. فإن لم تجد هذا الآخر الذي يمكن أن يضحك، ويضاحكك، اضحك مع نفسك، بينك وبين نفسك.. ضاحكها تضاحكك، أو اضحك عليها، لتفرفر هي بالضحك، عليك!!
اضحك..
اضحك.. تُفتّح شرايين القلب.. وتُفتّح شرايين (الروح).. وتٌفتح شرايين (النفس)، لتنفتح بكل ذلك أمامك أبواب الصحة.. وأبواب الحياة.
اضحك، تنقي دمك، وتخفض الكوليسترول، وتنشط كل عضلات القلب، ولا يتهيج فيك المصران الأعور، أو ذلك الغليظ القلب!
اضحك..
وتذكر- باستمرار- بين كل ضحكتين، إنك مخلوق ضاحك. تذكر أكثر أنه بالضحك وحده، تنفرد عن كل هذا القطيع العبوس القمطرير، الذي يمشى مكبا على وجهه، تتخبطه كل أشكال فقر الروح من المرح.. يتخبطه البؤس، وتتخبطه كل أشكال الكآبة!

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
28/02/2018
3310