+ A
A -
يعاني قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني مواطن فلسطيني، جُلّهم من لاجئي العام 1948، أوضاعاً معيشيةٍ مترديةٍ، جراء الحصار «الإسرائيلي» المُتواصل منذ نحو أحد عشر عاماً. فبعد تلك السنواتِ الطويلةِ من الحصار «الإسرائيلي» الظالم، ومن الانقسام الداخلي الفلسطيني المقيت، وصلت الأوضاع الاقتصاديةِ والمعيشيةِ في قطاع غزة إلى نقطةِ الصفر. فقد تجاوزت أزماتِ قطاع غزة المُتوالدة عن الواقع السائد منذ العام 2007 كل الحدود، حيث الحالة الإنسانية الكارثية، والضائقة الاقتصادية، وازدياد مُعدّلات الفقر والبطالة، والتي وصلت إلى سقوفٍ مرتفعةٍ. فالبطالة تجاوزت حدود الــ (65 %) من بين القادرين على العمل والإنتاج وفق مُعطيات الهيئات الدولية والإنسانية، وسُجلت أعلى معدلات بطالة للفئة العمرية 20-24 عاماً في الضفة الغربية والقطاع، وبنسبةٍ بلغت نحو 44.6 % في 2017 للفئةِ العمرية إياها. عدا عن تَعَطّل نحو 5000 منشأة اقتصادية عن العمل بسببٍ من نقص المواد الأولية، وبالتالي تراجع التنمية في القطاع من الناحية الاقتصادية البحتة.
لقد قَدَّمَ الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، قبل أيامٍ قليلة العديد من المعطيات الهامة، ومنها أنَّ عدد العاطلين عن العمل في السوق الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بِلَغَ 377.3 ألف فرد، حيث تَشهَد نسب البطالةِ تفاوتاً بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فعدد العاطلين عن العمل في الضفة الغربية يبلغ نحو 157.1 ألفاً، بينما تبلغ أعدادهم في قطاع غزة نحو 220.2 ألف عاطل عن العمل.
الطامةِ الكبرى في مسألة الأزمات العامة، الاقتصاديةِ، والمعيشيةِ، التي تُخيّم على قطاع غزة، أن جزءاً كبيراً منها يتأتى نتيجة الواقع الرسمي العربي، من حيث الصمت المُطبق حيال هذا الأمر، مع استمرار إغلاق معبر رفح بشكلٍ شبه دائم. وفي هذا السياق، كان رئيس اللجنةِ القطريةِ لإعادةِ إعمار قطاع غزة محمد العمادي، وخلال تصريحاتٍ له بمقرِ إقامته في مدينةِ غزة، قد قال: «إنَّ دول الحصار تضغط على قطر لوقف دعم غزة». وأضاف: «إنَّ الوضع كارثي في غزة مما استدعى من دولة قطر تقديم منحة إغاثية، وفور وصول الأدوية للقطاع أنقذت حياة مواطنين، وخصوصاً مرضى الكلى، فالمنحة وصلت في موعدها المناسب». وزاد على ذلك قوله: «إنَّ الوضع الإنساني في غزة على شفا انهيار تام».
وعليه، فإنَّ الواقع الراهن لأحوال قطاع غزة، بات يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً، يُمارس على دولة الاحتلال حتى ينتهي الحصار «الإسرائيلي»، ويتم عندها فتح جميع المعابر دون استثناء، ووقف العمل بقوائم الممنوعات على المعابر، وتشغيل الممر الآمن الذي يربط قطاع غزة بالضفة الغربية، وتسهيل حركة تنقل الأفراد من خلاله، ورفع الطوق البحري، بما يضمن تشغيل ممر بحري لحين الشروع في ميناء غزة، إلى جانب إعادة بناء وتشغيل مطار غزة الدولي. فضلاً عن حلّ مشكلة إغلاق معبر رفح الفلسطيني المصري، وهو المعبر شبه الوحيد بين قطاع غزة والعالم الخارجي. ونضيف القول هنا إنَّ إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية شرط لابد منه لإنهاء أزمات القطاع الحياتية، المعيشية، والاقتصادية.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
27/02/2018
2166