+ A
A -
جاء النادي الاسماعيلي المصري إلى الدوحة بعد هزيمة 67 ليلعب مباراة مع المنتخب القطري يُرصد ريعها لصالح المجهود الحربي وإزالة آثار العدوان، ضمن حملة مجتمعية كبيرة شارك فيها جميع أطياف الشعب المصري ومن ضمنها جولة السيدة أم كلثوم لاحياء حفلات لصالح المجهود الحربي، واستعدادا لإزالة آثار العدوان. عندما وصل الفريق الاسماعيلي إلى الدوحة خرج جميع المجتمع القطري إلى استاد الدوحه لحضور المباراة المرتقبة بينه وبين المنتخب الوطني القطري، الذي كان في أوج نجومه من أمثال خالد وطالب بلان ومبارك وليد وسلمان خليفة ومحمد غانم وغيرهم، وكان الاسماعيلي كذلك في عنفوان قوته حيث ضم أبوجريشه وسيد بازوكا وحوده وريعو، أذكر التزاحم على البوابة الغربية الصغيرة، وأذكر كذلك أننا أنا وزميلي رحمه الله لم نكن نملك سوى عشرة ريالات نقد قطر ودبي على ما أعتقد، بمعنى أن يدخل أحدنا فقط لحضور المباراة، وكنت أنا الفائز بهذا الخيار وبعد زحام مطبق نفذت من البوابة لأجد صديقي بعد عشر دقائق قادما من فوق الجدار حيث تسلق عمود الكهرباء المجاور لجدار الاستاد، فرصة لاتعوض لابد من الحضور أنه يمثل «مصر» وما أدراك ما مصر في ذلك الوقت رغم الهزيمة. إلا أن مشاعر النصر والكرامة كانت فوق الهزيمة والانكسار، حصل شيء عجيب وفي اتجاه معاكس تماما لما نعايشه اليوم من نزعة قبلية وطائفية تستعر في غير مكان في عالمنا العربي، وهو تشجيع الجماهير القطرية عن بكرة أبيها للنادي الاسماعيلي على حساب المنتخب الوطني القطري الذي يلعب على أرضه وبين جماهيره. لكن لأن الشعور العربي كان أكبر من الشعور القُطري الضيق، ولأن الصراع كان عربيا- إسرائيليا وليس مذهبيا وطائفيا، ولأن الوجود كان وجود الأمة وليس الطائفة، كان ذلك أمرا طبيعيا ومطلوبا. لعب الفريق الاسماعيلي بين جماهيره وكأنه في مدينته الاسماعيلية وتسمع الصيحات، ولعب فريقنا القومي ذو الاسماء الكبيرة في تاريخ الكرة القطرية ضد صيحات الجماهير المثبطة له ولكنه كان يعايش الشعور العام، لعب وكأنه يؤدي رسالة للأمة وهي تشجيع وإبراز مهارة الفريق الاسماعيلي وروح الروح المصرية والعربية بشكل عام، مازلت أذكر صيحات «قنبلة يابازوكا» ابوجريشة يا هندسة، أستر يا ستار «عبدالستار حارس مرمى الاسماعيلي»، في حين لا تسمع تشجيعاً حينما يبذل منتخبنا جهدا ضائعا لتسجيل هدف. مشاعر مزدحمة أخرجت الشارع القطري بأكمله لحضور مباراة الفريق المصري الضيف، شعور شديد بواجب المشاركة في تعزيز الروح الوطنية للشعب المصري، كان الفريق الاسماعيلي في وعي الجماهير يمثل الأمة وليس مصر، رأيت المسنين إلى جانب الشباب يتكدسون أمام أبواب استاد الدوحة وبعضهم لا يعرف عن الاسماعيلي شيئا ولا حتى عن كرة القدم. كان يوما تاريخيا من أيام الرياضة في قطر، شهدناه ونحن صغار ولكننا كنا نملك شعورا كبيرا، كانت الأمة كبيرة وكل فرد منها يحملها في داخله، نحن اليوم نكبر كهشيم دول ونصغرُ كأمة. كان شعورا جميلا لا يعرف الهزيمة لا يعرف سوى أن الكرامة فوق كل هزيمة وانكسار.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
25/02/2018
2547