+ A
A -
لا أظن ان الولايات المتحدة تنتهج سياسة مزدوجة الاهداف في المنطقة، حتى وإن بدت متباينة المعاني في كثير من الاحيان. ولعل الدرس الاهم الذي استقيناه من تفاصيل مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية ركس تلرسون في عمّان الاربعاء، هو ان اي شيء يمكن ان يكون مقبولا ومرفوضا في الوقت ذاته!
الى هذا الحد وصلت الامور، وتلرسون الذي توهمنا لفترة انه لا يدير وزارة الخارجية كما يريد، يتحدث الآن بلهجة مختلفة تجعل ما بدا مستحيلا، ممكنا، بما في ذلك صبُّه ماء باردا على القيادات التي كانت الى ما قبل قمة الرياض الاميركية - السعودية في يونيو الماضي،تريد كسر رأس حزب الله بسلسلة ضربات عسكرية تنهي وجوده الى الابد.
لم يترك تلرسون شكا في ان ضمان عدم عودة داعش الى المنطقة اولوية اميركية، كما لم يترك لنا ما يفيد انه سيتبع ذات السياسة تجاه حزب الله، وتنفيذ مطالبة الرياض بشن حرب باترة ضد الحزب، وهو هدف أصبح الآن مجرد كلام في الهواء.
نأخذ الادلة من تلرسون نفسه الذي قال في عمّان ان واشنطن تعرف بأن حزب الله خاضع للنفوذ الايراني، لكنه اكتفى بمطالبة طهران بالانسحاب من سوريا والعراق ولبنان واليمن، دون ان تذهب المطالبة الى حد التهديد باستخدام الاساطيل البحرية والصواريخ العابرة كما قال الاميركيون للسعوية قبل اتفاق الرياض!
فاجأنا تلرسون حين قال ان «الولايات المتحدة تعترف بالواقع الذي يتمثل في ان حزب الله هو جزء من العملية السياسية في لبنان»، رغم ان بلاده تضع الحزب على لائحة المنظمات الإرهابية. لكن الوزير يعلن ببساطة قبوله بالحل الأضعف الذي جُرب سابقا وفشل، وهو تحويل حزب الله الى حزب سياسي منزوع السلاح مع مواصلته الحكم بمشاركة الرؤساء الثلاثة عون والحريري وبري.
وكان الوزير يتحدث بلغتين نقلتهما قناة «الحرة»حين قال: «نحن نعرف ان حزب الله مؤسسة ارهابية، لذلك فقضيتنا ليست مع الشعب اللبناني او الحكومة اللبنانية»! اما بخصوص ايران، فكان اقصى ما طالب به الوزير لبنان هو عدم عرقلة الاولويات الاميركية في المنطقة وهي: القضاء على داعش ثم مواجهة طهران ثم حل الازمة في سوريا، ثم معالجة الاوضاع في لبنان، وجميعها بدت لمن حضر المؤتمر هشة وغير جادة.
لم يتحدث تلرسون طويلا حول معاقبة حزب الله او عن شركائه السياسيين او الكيانات التي توفر له الغطاء، لكنه تحدث عن الحزب وكأنه شريك للدولة في الحكم، وهو ما يتنافى مع ما أرادته السعودية وفهمته من الاميركيين، الأمر الذي يؤكد ان الولايات المتحدة لا تتعامل باستهتار وإذلال في المنطقة إلا مع القدس والمسكين المسؤول عنها رسميا على الأقل، محمود عباس!

بقلم : مازن حماد
copy short url   نسخ
18/02/2018
2415