+ A
A -
لسنوات عدة كانت قضية الإرهاب الشغل الشاغل لدول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لكن الصورة بدت مبهمة مع تعديل في الأولويات تضمنته استراتيجية جديدة للدفاع القومي، تضع مخططات للتهديدات التي يجب أن يمنحها البنتاغون أولوية، وكيفية تعاطي المسؤولين مع تلك التهديدات.
من أبرز النقاط التي تركز عليها تلك الاستراتيجية هي أن المنافسة الاستراتيجية الطويلة الأمد مع الصين وروسيا من الأولويات الرئيسية للبنتاغون، وأن منافسة الدول العظمى، وليس الإرهاب، ينبغي أن يكون مركز اهتمام الأمن الوطني الأميركي.
العداء، أو لنقل التوجس، بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، يعود لعقود طويلة، وقد أخذ شكله الأخطر بالحرب الباردة، التي امتدت من فترة منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات.
خلال هذه الفترة، ظهرت الندية بين القوتين العظميين خلال التحالفات العسكرية، والدعاية، وتطوير الأسلحة، والتقدم الصناعي، وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي. وقد اشتركت القوتان في إنفاق كبير على الدفاع العسكري، والترسانات النووية، وحروب غير مباشرة باستخدام وسطاء.
اليوم تبدو الأمور شديدة الشبه بسنوات الحرب الباردة، توجتها الولايات المتحدة بإعلان استراتيجيتها الجديدة للدفاع القومي، التي ستعيد شبح تلك الحرب مرة أخرى، مع ما يعنيه ذلك من العودة إلى استخدام «الوسطاء» الذين سيدفعون الفاتورة الأكبرلصراعات وتجاذبات «الكبار» على اعتبار أن الولايات المتحدة وروسيا لن يدخلا في مواجهة مباشرة تحت أي ظرف من الظروف.
الشيء المؤسف يتمثل في أن القوتين العظميين لم تتعظا من دروس وعبر تلك الحرب، والمؤسف أكثر أن «الوسطاء»، وإن تبدلوا، لم يتعظوا هم أيضا، مع أنهم سيدفعون الثمن الأكبر لهذا الصراع، الذي سيعيد تفجير بؤر الصراع، وتقسيم العالم مرة أخرى إلى كتلتين.
يقول ماركس: إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة كمأساة ومرة كمهزلة.
بقلم : حسان يونس
copy short url   نسخ
08/02/2018
3025