+ A
A -
بدأت تركيا في العشرين من ينايرالماضي عملية عسكرية برية في منطقة عفرين السورية ضد ما يسمى بوحدات حماية الشعب الكردي التي تشكلت بمباركة أميركية، عملية سبقتها موجة من العمليات الجوية وعمليات استخباراتية على الأرض بهدف جمع معلومات حول وجود تلك الوحدات وانتشارها في الشمال والشمال الشرقي لسوريا.

لم ترق العمليات العسكرية التركية لدول مثل الولايات المتحدة الأميركية التي دعت إلى ضرورة ألا تستمر العملية العسكرية طويلاً تجنباً لما تسميه واشنطن من زيادة الضحايا المدنيين. لكن الرد الأميركية لم يلق أي اذان صاغية من انقرة باعتبار أن انقرة ترى أن واشنطن تلعب دور سلبي عبر حمايتها لتلك القوات ودعمها على الحدود التركية دون أدنى تنسيق أو اعتبار للمصالح التركية وهو الامر الذي طالما حذرت منه القيادة التركية ولا سيما الرئيس التركي رجب طيب اردوغان. ما تجدر الإشارة اليه أن واشنطن استخدمت مبرر الحرب على الإرهاب لتقوية وحدات حماية الشعب الكردي دون أن تعد لما بعد انتهاء الحرب على الإرهاب والى اين ستتجه قوة تلك الوحدات التي تم تدريبها أميركيا وهو الامر الذي يثير مخاوف تركية حقيقية.
من جهتها تبدو روسيا في موقف معارض للولايات المتحدة ولا سيما الوجود العسكري الأميركية والتنسيق مع وحدات حماية الشعب الكردي، لكنها في ذات الوقت تبدو لا ترغب في أن تفرض تركيا كلمتها في الميدان عبر العملية العسكرية لأن ذلك يزيد من هشاشة نظام الحكم في سوريا وعدم قدرته على السيطرة على الأرض مما يضعف مواقفه التفاوضية سواء في جنيف أو في الآستانه أو في سوتشي. الملفت للانتباه أن أنقرة لم تلق بالاً لمؤتمر سوتشي ومضت في العملية العسكرية رغم تسجيل حضورها السياسي في مؤتمر سوتشي. يعكس هذا أن التحالف الثلاثي النشط الذي روسيا وتركيا وإيران يبدو متصدعاً في الحقيقة ومتباين من حيث المواقف، وهذا ما ينعكس من خلال الموقف الإيراني من عملية غصن الزيتون التركية.
الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي انتقد بلغ دبلوماسية العملية العسكرية في عفرين مستنداً إلى أن ذلك يمس بالسيادة السورية، داعياً تركيا إلى مراجعة عملياتها العسكرية في شمال سوريا، هذا التصريح يأتي بعد تصريحات تركيا أن العمليات في عفرين ستستمر إلى منبج ثم جميع المدن الواقعة في الشمال الشرقي لسوريا حتى الحدود مع العراق وذلك لضمان حدود آمنه تركية في الجنوب.الموقف الإيراني جاء متأخر نسبياً بالنظر إلى تاريخ بدء العمليات العسكرية، كما أنه خال من أي انتقاد شديد اللهجة، وكأن المقصود به سد الذريعة عن أي انتقاد محتمل لموقف إيران من العملية العسكرية. الامر الاخر تتفق إيران مع روسيا أن الهدف من تلك العمليات مواجهة خطط أميركية نحو الأزمة السورية لا سيما في موضوع الاكراد وخلق ميليشيات كردية، وهو الامر الذي لا ترضى به إيران ولا تريده أن يكون سابقة. بعبارة أخرى اذا ما نجحت تركيا في تحجيم وحدات حماية الشعب الكردي فإن هذا يحوي رسالة قوية للولايات المتحدة وهو الامر الذي ترغب طهران في أن يحصل. أخيراً لا يبدو أن إيران وروسيا تستشعر أي تهديد محتمل على مصالحها في سوريا بسبب عملية غصن الزيتون، وهذا ربما يفسر المواقف المتساهلة أو الأقل انتقاداً من قبل البلدين للعملية العسكرية.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
07/02/2018
2726